جزء من أمريكا سيختفي بحلول 2050.. الأسباب وأبرز الأماكن

كشفت خريطة تفاعلية جديدة، طوَّرها خبراء منظمة كلايمت سنترال، وهي منظمة عالمية رائدة، عن سيناريو مرعب ينتظر عددًا من المدن الساحلية في أمريكا بحلول عام 2050.

 

المدن الساحلية تواجه مستقبلا قاتما

ووفقًا لأداة فحص المخاطر الساحلية، فإن ارتفاع منسوب مياه البحر والفيضانات الساحلية – التي تسارعت وتيرتها بفعل تغير المناخ – قد يتسبب في غمر مدن كاملة بالمياه بحلول عام 2050، مما يُهدد المنازل والبنية التحتية والنظم البيئية وسبل عيش الملايين.

 

ووفقا لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية، تعتمد الأداة التنبؤية الجديدة على أحدث بيانات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، وتتيح للمستخدمين استكشاف سيناريوهات متعددة تراعي انبعاثات الكربون والسياسات البيئية الحالية.

لكن المؤشرات كلها تُجمع على أن مناطق واسعة من الولايات المتحدة تواجه خطرا وشيكا حتى في أكثر التقديرات تفاؤلا.

نيو أورلينز: المدينة تحت الخطر

تُعد نيو أورلينز في ولاية لويزيانا من أكثر المدن عرضة للخطر، إذ تظهر الخريطة أن المدينة بأكملها ستكون تحت مستوى الفيضانات السنوية في غضون 25 عاماً فقط.

 

وتؤكد دراسة نُشرت عام 2024 في مجلة هيدروجيولوجيا أن المدينة تغرق تدريجيا بسبب طبيعة تربتها الغنية بالخث والطين، والتي تتعرض للانضغاط والتحلل بفعل البناء والتعرض للهواء.

 

ومع عدد سكان يبلغ نحو 360 ألف نسمة، فإن احتمال غرق المدينة يعني كارثة إنسانية حقيقية، خاصة وأنها لا تزال تترنح من آثار أعاصير مدمرة ضربتها في العقدين الأخيرين.

فلوريدا: شبكة القنوات تتحول إلى فخ مائي

فقد تواجه كيب كورال، المدينة المعروفة بشبكة القنوات المعقدة التي تتخلل أحيائها، انهيارا بيئيا بحلول عام 2050، بحسب خريطة كلايمت سنترال ، ومع أن المدينة تحتضن أكثر من 220 ألف نسمة، إلا أن ارتفاع منسوب المياه قد يبتلع أجزاء كبيرة منها، مما يجعل الممتلكات الثمينة المطلة على القنوات عرضة للغرق.

 

وبالفعل، شهدت المدينة أعاصير مدمرة مؤخرا، منها إعصار هيلين (2024) وإيرما (2017)، ما يجعل من خطر الفيضانات مستقبلا مسألة وقت لا أكثر.

 

سافانا وتشارلستون: المدن التاريخية في خطر

كما تواجه المراكز الساحلية التاريخية مثل سافانا، جورجيا، وتشارلستون، ساوث كارولينا، وقتا عصيبا أيضا. وفي الجنوب الشرقي، تقف مدينتا سافانا وتشارلستون على خط المواجهة مع الكارثة و سافانا، التي تشهد بالفعل 49 بوصة من الأمطار سنويا – أي أعلى بنسبة 29% من المتوسط ​​الأمريكي – من المرجح أن تواجه فيضانات كارثية.

 

ومع التوقعات بزيادة الفيضانات، فإن المدينة التاريخية قد تجد نفسها تحت الماء خلال العقود الثلاثة القادمة ، أما تشارلستون، التي تُعد إحدى الوجهات السياحية البارزة، فهي مهددة بالغرق من ثلاث جهات بفعل المد والجزر المرتفعة، والأمطار الغزيرة، والعواصف الساحلية. ومع تعرض هندستها المعمارية الشهيرة واقتصادها السياحي للخطر، قد تشهد المدينة أضرارا لا رجعة فيها خلال ثلاثة عقود.

أتلانتيك سيتي وشاطئ نيوجيرسي: الترفيه مهدد

وتتوقع الخريطة أن تواجه أتلانتيك سيتي فيضانات واسعة النطاق حتى دون حدوث عواصف عنيفة مثل إعصار ساندي (2012)، الذي أغرق المدينة بمياه وصل ارتفاعها إلى 6 أقدام.

 

وتشير التقديرات إلى أن الممشى الخشبي الشهير والكازينوهات الواقعة على الشاطئ ستغمرها المياه بحلول منتصف القرن ، وحتى المناطق الداخلية ليست في مأمن؛ فمدينة إيست روثرفورد، أيضا في نيوجيرسي، تقع على مستنقعات ميدولاندز الهشة وقد تكون تحت الماء بحلول 2050.

 

لونج آيلاند: تآكل السواحل يهدد 3 ملايين نسمة

في ولاية نيويورك، تعد لونج آيلاند، التي يقطنها ما يقرب من 3 ملايين نسمة، من أكثر المناطق المكتظة بالسكان والمهددة بالغرق. إذ تُظهر البيانات أن بلدات مثل بابل، فريبورت، ماسابيكوا، وليندينهورست ستكون من بين أولى المناطق التي تُبتلع بفعل ارتفاع مستوى البحر.

 

وتحذر الخريطة من احتمال اختفاء فاير آيلاند وشاطئ جونز تماما، مما يعيد إلى الأذهان الدمار الذي خلّفه إعصار ساندي بتكلفة تجاوزت 20 مليار دولار. ويهدد ارتفاع منسوب مياه البحر بجعل مثل هذه الكوارث أمرا روتينيا ، بل إن حتى جزيرة الحرية التي تحتضن تمثال الحرية، قد تختفي تحت الماء خلال 25 عاما– وهي ضربة رمزية قوية لمقدار التهديد الوجودي الذي تمثله أزمة المناخ.

سان خوسيه والساحل الغربي: تحذير رغم الاستثناء

وفي حين تُظهر الخريطة أن معظم كاليفورنيا قد تنجو من أسوأ السيناريوهات، إلا أن سان خوسيه تقف على الحافة ، وستواجه المناطق القريبة من خليج سان فرانسيسكو، بما فيها موقع ملعب ليفيز، مخاطر غمر دوري.

 

لكن توضح نتائج معهد فرجينيا لعلوم البحار (VIMS) أن الخطر على الساحل الغربي أكبر مما تتوقعه خرائط كلايمت سنترال. فقد أظهرت البيانات أن سان دييجو تسجل أعلى معدلات ارتفاع في مستوى البحر على الساحل الغربي، بنسبة 2.6 مليمتر سنويا، مع تزايد الخطر على مدن مثل لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو وألاميدا.

 

أزمة على الأبواب: متى وليس هل

وتؤكد الأداة الجديدة من كلايمت سنترال أن الخطر ليس محتملا، بل وشيكا. المدن التي صمدت لمئات السنين مهددة بالاختفاء خلال جيل واحد ، ويحذر خبراء مركز المناخ من أنه بدون اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لخفض الانبعاثات، وتعزيز البنى التحتية، وتحصين السواحل، فإن الدمار لن يكون مسألة “هل سيحدث”، بل مسألة “متى سيحدث”.

 

من نيو أورلينز إلى سان خوسيه، ومن أتلانتيك سيتي إلى لونج آيلاند، الولايات المتحدة تواجه تحديا بيئيا وجوديا. وتبقى الرسالة التي يُجمع عليها الخبراء: التحرك الآن أو مواجهة الكارثة غدًا.

شاهد أيضاً

ثاني أكسيد الكربون يسجل مستويات قياسية تثير القلق.. هل تختنق الأرض؟

في تطور تاريخي مُقلق يعكس حجم الأزمة البيئية التي تواجه كوكب الأرض، أكد باحثون في …