منذ أيام قليلة، التقى المحقق العدلي في جريمة إنفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار وفداً من أهالي ضحايا الإنفجار، سائلين عن موعد استئناف التحقيقات في القضية، بعد ان انتقل الملف اليه، من عهدة القاضي فادي صوان، منذ 3 اسابيع تقريبا. بيطار خاطب ضيوفه القلقين بلهجة حازمة، محاولا طمأنتهم الى ان التحقيقات في اياد امينة. فقد دعا الأهالي الى ان “يثقوا به وبالقضاء”، مشيراً الى انه “لن يدخر جهداً في سبيل الوصول إلى الحقيقة”، لافتاً الى أن التحقيق سيحيط بكل جوانب القضية، بدءاً من الباخرة روسوس، وشحنة نيترات الأمونيوم ومالكيها، ومن هي الجهة التي استوردت البضاعة ومن دفع ثمنها ومن خزّنها في المرفأ وأبقاها لمدة سبع سنوات”، متعهدا بأنه “لن يترك مرتكباً خارج السجن، ولن يبقي بريئاً في السجن أيضاً، و”سنحاسب كل من أخطأ سواء سياسياً أو أمنياً أو غيره”.
الا ان ساعة نقل هذه التطمينات من الكلام الى الواقع، دقّت، وفق ما تقول مصادر سياسية لـ”المركزية”. وبيطار يجب ألاّ يتأخّر أكثر في تشغيل محرّكاته على خط التحقيقات، وعلى ما يبدو، هو في هذا الصدد. فبعد أن سطّر الاسبوع الماضي، استنابات قضائية تتعلق بكيفية شراء الأمونيوم ومالكي الشحنة والشركات التي انخرطت في هذه الصفقة ولصالح من تم استيرادها ومن دفع ثمنها ولحسم هوية المسؤولين عنها، ستشهد الايام المقبلة تطورات جديدة على هذه الضفة.
فبحسب المعلومات، بيطار أنهى عملية الاطلاع على التحقيقات وعلى الاستجوابات كلّها، وقد يباشر في إصدار “قرارات” في ضوئها قريباً. في السياق، سيستدعي عدداً من الاشخاص الاسبوع المقبل، وفق جدولة وضعها في هذا الخصوص، بحسب “مستقبل ويب”. وفيما لم يكشف الموقع عن هوية الاشخاص المنوي استدعاؤهم، إنْ كانوا من المدعى عليهم او من الشهود، فإنه اكد ان القاضي بيطار وضع جدولا بالاستدعاءات ولن تكون هذه الاستدعاءات “وفق ما يطلبه المستمعون”، على حد تعبير اوساط للموقع، أوضحت أن القاضي بيطار لديه استراتيجيته في التحقيق التي تختلف عن سلفه القاضي صوان، كاشفة ان بيطار باشر امس بتلقي طلبات اخلاء سبيل ممن يرغب بتقديمها من الموقوفين الـ25 في الملف للبت بها.
المسار الذي ستسلكه التحقيقات والقضية ككل، تشكّل امتحانا جديا وحقيقيا للقضاء من جهة وللطبقة السياسية من جهة اخرى. فالى عيون اللبنانيين التي ترصد من كثب ما سيؤول اليه الملف، وهم لن يسكتوا عن اي مماطلة او محاولة لحماية المجرمين والمقصّرين، كما حصل سابقا، تشير المصادر الى ان العالم بأسره يضع ايضا، “انفجارَ العصر” والتحقيقات الجارية في شأنه، تحت مجهره، ويرفض تمييع الحقيقة وطمسها وتجهيل الفاعل على الطريقة اللبنانية المعهودة في كل الجرائم الكبرى التي هزت البلاد ولا تزال، من المرفأ الى كل الاغتيالات التي سبقت 4 آب 2020 وتلته، وآخرها “إعدام” الناشط السياسي المعارض لقمان سليم. ففيما هذه المسائل حاضرة في كل بيان او موقف يصدر عن اركان المجتمع الدولي والاممي، توضح المصادر ان اجراءات كبيرة ونوعية سيتم اتخاذها في حق اهل المنظومة السياسية في بيروت إن سوّلت لهم انفسهم التمادي في الالتفاف على القوانين وفي تدجين القضاء وتطويعه لصالح مصالحهم. وهنا تلفت المصادر الى ان بيطار، في ظل هذا الدعم الشعبي – الدولي غير المسبوق الذي يحظى به، قادرٌ على “قلب الطاولة” على اهل الحكم، وقادر على الانتصار للحق والعدالة والشهداء والقضاء النزيه، إن صمّ أذنيه لكل ترغيب او ترهيب او تهديد، وأنصت الى بكاء الامهات ونداءات رؤساء العالم الحرّ، فيعيدَ للجسم القضائي الهيبة التي سُلبت منه.. فهل يفعل؟!