كتبت الاعلامية باميلا حنينة المتخصصة في علم الجريمة
تُعتبر قصة قايين و هابيل أولى الجرائم في تاريخ البشرية، و قد إختلف العلماء في تحديد الطبيعة الإجرامية و أسبابها إن كانت متصلة بالوراثة أو كونها سلوكاً مكتسباً. فمكافحة الجريمة تصبح أكثر فعالية إذا حُددت الأسباب الرئيسية على صعيد المجتمع والفرد.
إميل دوركيم يصف الجريمة بأنها موضوع بحث علم الجريمة وأن الجريمة هي كل فعل يُعاقب عليه القانون. أما علم الجريمة فهو علم يدرس الجريمة كظاهرة إجتماعية، إستثنائية في حياة الفرد لكنها حتمية في المجتمع و يقتضي التوصل إلى أسبابها للوقاية منها، وربما القضاء عليها.
في هذا المجال العلمي هناك ما يسمى بقانون الكثافة الجنائية الذي يشرح بأن هناك ظروف بيئية معينة إذا تضافرت مع عدة عوامل فردية و شخصية عند الإنسان تُنتج في المجتمع عدداً ونوعاً معينا من الجرائم.
نشأ و تطور علم الإجرام مع فلاسفة اليونان، كانت الجريمة وفق التفسير الإغريقي قدرة إلاهية و أن الإنسان المجرم مصاب بلعنة الآلهة. أما سقراط فتحدث عن الشر والجهل وأن المعرفة تقي الإنسان من إرتكاب الجرائم.
في المقلب الآخر، إعتبر أفلطون أن الإنسان مخيّر و ليس مسيّر و يمكنه الإختيار بين الرذيلة والفضيلة و أن الإنسان المجرم هو مريض يحتاج للعلاج المتمثل في العقاب.
منذ القرن السادس عشر ولغاية القرن الناسع عشر سادت دراسات لتفسير السلوك الإجرامي، منها للفيزيائي دي لابورطا الذي ربط الجريمة بعيوب الخلق الظاهره على وجه الإنسان.
أما سيزار بيكاريا،مؤسس الفرينولوجيا، شدد على أن هناك مراكز معينة في الدماغ تؤثر على السلوك الإجرامي.
من ثم تطورت الدراسات مع العالم الفرنسي والبلجيكي غيري و أدولف كتليه، اللذان تحدثا عن جنس المجرم (ذكر او أنثى) والأسباب الإجتماعية المحيطة فيه كالمهنة، التحصيل العلمي والمناخ…
قرر العالم البلجيكي كتليه دراسة الإحصاءات الجنائية الفرنسية فوجد في العامل المناخي أن جرائم العنف تكثر في الجنوب الحار أما جرائم المال تكثر في الشمال البارد.
سنة ١٨٧٦، قام الطبيب الشرعي الإيطالي سيزار لمبروزو بدراسة البيولوجيا في السلوك الإجرامي في كتابه ” الإنسان المجرم”. لمبروزو أستاذ في الطب الشرعي و قد خدم في الجيش الإيطالي. قام بفحص و تشريح جماجم لعدد من المجرمين و لاحظ شذوذاً غي حجمها و شكلها و قارن جماجم المجرمين مع حيوانات متوحشة و جمجمة الإنسان البدائي. خلُص أن ما ورثه الإنسان عن أسلافه تفاعل مع شخصيته الحالية لإرتكاب الجرائم. ثم جاء تلميذ لمبروزو، أنريكو فيري ليطور هذه الدراسات و إرتكز على ٣ عوامل: العامل العضوي أو البيولوجي، العامل الجغرافي والعامل الإجتماعي. أخيراً كاروفالو قسم الجرائم إلى جرائم طبيعية التي تمس بالشعور العام والجرائم الإعتبارية الذي يفرضها المشرع في ظروف معينة.
حاولت دراسات القرن العشرين تطوير الأبحاث، فنشأت الجمعية الدولية لعلم الإجرام سنة ١٩٣٤ و أقيمت عدة مؤتمرات للبحث في تطوير المناهج الكلاسيكية و خاصة التنبه للجرائم العابرة للقارات كتبييض الأموال، الإتجار بالبشر والأعضاء و تجارة المخدرات.