*خلال الندوة التي نظمها الأرشيف والمكتبة الوطنية بدولة الإمارات استعدادًا لمشاركته بمعرض الكتاب*
*رئيس مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم: “نحتاج إلى جامعة عربية ثقافية لمواكبة عصر الرقمنة”*
أكد معالي محمد المر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، على أهمية العلاقات المصرية الإماراتية في النواحي الثقافية في ظل الريادة التاريخية المصرية التي أكد أنها لعبت دورًا رئيسيًا في تطور مختلف مناحي الحياة الثقافية بكافة دول مجلس التعاون الخليجي.
جاء ذلك خلال الندوة التي نظمها الأرشيف والمكتبة الوطنية بدولة الإمارات، اليوم الإثنين ٢٣ يناير، بفندق انتركونتيننتال سيتي ستارز بالقاهرة، تحت عنوان: “التراث والهوية العربية في عصر الرقمنة.. الفرص والتحديات”، بحضور نخبة من قادة الفكر والثقافة بمصر والإمارات، وذلك في إطار استعداده للمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب.
وأضاف “المر”، أن المجتمعات العربية أصبحت تواجه تحديات عديدة من أجل الاستجابة بشكل عصري في ظل عالم مفتوح تتشابك فيه الهويات الثقافية، مشيرًا إلى أن التطور الإلكتروني أصبح يؤثر على حياتنا اليومية، ويضع على كاهل المتاحف والمكتبات ومختلف المؤسسات الثقافية العربية، أعباء جديدة للتحول من مجرد مراكز للمعرفة إلى فضاء ثقافي واسع يعتمد على الرقمنة في الإتاحة الثقافية، بجانب تقديم الكتاب الصوتي والرقمي لمواكبة تطورات العصر.
وذكر أن هناك تحديات تواجه الأمة العربية بعد أن واجهت دول عربية ثقافية مركزية كبرى حروب أهلية خلال الفترة الماضية بما أثر على متاحفها وآثارها ومكتباتها التي تواجه مشكلات مالية وإدارية وغيرها، مضيفًا أن مصر والخليج يتحملان الآن مسؤولية الإتاحة الرقمية العصرية للتراث، ومشيرًا إلى الحاجة إلى “جامعة عربية ثقافية” تستطيع أن تقوم بأدوار موسعة لحفظ التراث العربي وإتاحته رقميًا.
ومن جانبه، أكد سعادة عبد الله ماجد العلي، مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية، على أهمية الأرشيف والمكتبة الوطنية بدولة الإمارات في الحفاظ على هوية الإمارات وتراثها، مضيفًا أن هناك العديد من الوسائل المعرفية التي تحتاج إلى الرقمنة لحفظ التراث العربي والفكري اعتمادًا على وسائل الذكاء الاصطناعي.
وأضاف “العلي”، أن الأرشيف والمكتبة الوطنية الإماراتي يتعاون مع الأرشيف البريطاني في رقمنة الوثائق المتعلقة بالخليج العربي، ويعمل بشكل مستمر من أجل حفظ التراث العربي وإبرازه للعالم من خلال مواكبة أفضل وسائل الرقمنة الحديثة.
ولفت مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية الإماراتي إلى أهمية وجود سياسات موحدة للحفظ الرقمي، والعمل داخل منظومة ثقافية جماعية للوصول إلى مختلف الفئات الشبابية، مؤكدًا على أهمية مشروعات الترجمة في حفظ الوثائق العربية، مع وجود منصة عربية موحدة لحفظ التراث.
وفي السياق نفسه، أكد الدكتور أحمد عبدالله زايد، رئيس مكتبة الإسكندرية، أن عالم الرقمنة أصبح يفرض نفسه بقوة داخل مختلف المؤسسات الثقافية، مضيفًا أنه لابد من العمل أيضًا بالتوازي لحفظ الهوية من التفكك في ظل تحديات العالم الرقمي.
وأضاف رئيس مكتبة الإسكندرية، أنه من المطلوب التمسك بالرقمنة والتراث على حد سواء، مشيرًا إلى أن المكتبة لديها مشروع لتوثيق التراث الطبيعي والثقافي و اللامادي، بجانب وجود بيت خبرة لترميم المخطوطات بحجم ٦٠٠٠ مخطوط بخط اليد، و ١٢٠ ألف مخطوط مصور، بالإضافة إلى عدد كبير من الكتب النادرة.
وذكر “زايد”، أن مكتبة الإسكندرية تقوم بحفظ التراث على اختلاف أنواعه سواء الإسلامي أو القبطي، مشيرًا إلى أن المكتبة لديها ٢ مليون مصدر مرقمن سواء في شكل مجلة أو صحيفة أو كتاب وغيرها.
وتابع: “لابد أن نبحث في أهمية تمكين الشباب من الوصول إلى تراثنا والتمسك به، فالهوية الرقمية أصبحت جزءًا لا يتجزأ من شخصية العصر، الذي أصيب بتشوهات في مختلف نواحي الثقافة التي تحتاج إلى سياسات لحمايتها في إطار الإيمان بالتعددية الإنسانية”.
كما أكد سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، أن التراث الشعبي استفاد من عالم الرقمنة، التي وفرت وسيلة لحفظ التراث المادي وغير المادي، مشيرًا إلى أهمية الرقمنة في رواية الحكاية الشعبية بشكل تفاعلي، والترويج لها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف رئيس معهد الشارقة للتراث، أن هناك العديد من الوسائل الرقمية التي تتيح حفظ وإتاحة التراث، من بينها تقنيات الهولوجرام التي تتيح للقارئ متابعة الحكايات والتفاعل معها بشكل افتراضي، بما يشجعه على شراء الكتاب الورقي.
ومن جانبه، أكد الدكتور أسامة طلعت، رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، أن الدار تحوي ذاكرة الأمة العربية والإسلامية، وتعد ركيزة أساسية لحفظ تراثها وثقافتها، حيث تضم الدار مخطوطات نادرة بدءًا من أقدم وثيقة للسلطان منصور قلاوون من القرن السابع الهجري، وصولاً لعصر محمد علي، مؤكدًا على اهتمام الدولة بالتراث والمخطوطات والعناية بها.
وتطرق رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، إلى الأدوار المتعددة للهيئة في نواحي جمع التراث وتصنيفه وحمايته وإتاحته رقميًا، مشيرًا إلى أن الهيئة سعت إلى مواكبة التكنولوجيا الحديثة منذ التسعينيات، عن طريق تقنيات الميكروفيلم، وصولاً إلى تنفيذ أكبر مشروع لرقمنة الوثائق والمخطوطات ، والذي يجري تنفيذه حاليًا بالهيئة التي أكد أنها تدخل مع وزارة الاتصالات المصرية في مشروعات أخرى للتحديث الرقمي.
ولفت “طلعت”، إلى المتطلبات التي يفرضها تنفيذ قانون حماية الملكية الفكرية، حيث تعمل دار الكتب والوثائق القومية على الإتاحة الرقمية بما يتفق مع بنود القانون، مشيرًا إلى جهود دار الكتب في استقبال الرحلات المختلفة من مختلف المدارس والمؤسسات التعليمية لربط الأجيال الجديدة بالتراث العربي المتنوع.