رسالة إلى الوقت.. بقلم أميرة سكر

رسالة إلى الوقت ..

 

سيدي الوقت،

سيبقى عبق الذاكرة في أمزجة الأروقة العتيقة في جنبات العمر ورحلات الجنون ومسيرتك القاطعة رغما عن انف كل إشارات السير الحمراء.. ام أنك لا تحسن تمييز الألوان ولا تذوق الألم، فقط تمضي دون النظر للخلف..

قاطع انت أيها الوقت خارق بسرعتك قاهر بأنانيتك لا تستمهل ومضة ولا تقبل أعذارا……

 

فأنت بكبريائك وجبروتك وثقتك واستقلاليتك عن من سواك وقناعتك بأنك لست بحاجة لأحد، أضحيت الجاحظ بعطائك الأناني بغرورك والمستمر بمسيرتك.. والواثق بخطواتك لا تتأنى ولا تسرع فقط ثابت متحرك… بل متحرك بثبات كحارس القصر الملكي تحركك عقارب الوهى واسنان الكون في الاقراص المستديرة التي تتحرك معا..

 

أحمق أنت أيها الوقت حين تحاول أن تبدو لطيفا خفيفا كلما اجتمعنا في افراحنا.. فانت لا تفرض نفسك بالقوة بل تتسلل مسرعا كي لا تزعج اي منا معتقدا أنك تقوم بالصواب، إلا انك بتصرفاتك الحمقاء المتهورة تقض مضاجعنا وتؤلمنا.. أهي كرامتك التي لا تسمح لك أن تتطفل بيننا.. وتدفعك لأن تنسحب بسرعة البرق، أم أنها حساسيتك المفرطة من هرمونات الدوبامين والسيروتونين والأوكسيتوسين والإندورفين.

 

مزعج أنت سيدي حين تزورنا في مصائبنا فتمكث وتمكث دون دعوة منا او استئذان…. فكلما أردنا منك القليل أعطيتنا بكرمك غير المعهود الكثير حتى أنك لتتفوق على حاتم الطائي وبيل غايتس وكارلوس سليم وسليمان الراجحي.

 

هل لنا أن نطوي الصفحة معا ذات ومضة ونلتحم بك ونسافر فوق جناحيك لنستشعر اولوياتك ونضيف لقاموس رواياتنا بضعا من هلوساتك.

هل لك أن تتنازل وتسكن معنا كل تفاصيل وليس فقط مفاصل حياتنا…

 

لقد عجزنا ونحن نفكك ونحلل ونحاول تفسير أفكار ك وتجاوزاتك. هل نقف جميعنا دقيقة صمت على سقوطك الانساني المستمر أم نصفق مطولا لالتزامك بالقيام بمهمتك على اكمل وجه؟

أحيانا يكون عدم الالتزام بالعمل قمة اللياقة والانسانية ويكون انجاز العمل خيانة لمشاعرنا واحساسنا.

 

أيها الوقت المخلوق من مجهول كوني.. أيها الرمز اللاهث في سرعتك المستميت في دقتك المستشرس في عنفوانك الراكض لتحقيق حساباتك السارق لأفراحنا المارق المنافق الخارق لكل حدود الكون الازلية المسافر عبر الزمن النسبي كلما صدقنا أننا ملكناك هلكنا.

 

أما أنت أيها الوقت الضائع، فأنت لا تعوض إلا ببدعة في المباريات الرياضية حفاظا على الاعلانات المربحة التي تنعش اقتصاد الأمم من دورة لأخرى.. اللعب في الوقت الضائع هو اختراع لارضاء الجمهور الرافض لنتيجة الفشل في مواكبة نشاطك المشتعل.

علّ اللاعبين يتقنون فن مواكبتك لتحقيق أهداف مستقطعة بدلا عن وقت أضاعوه في إضاعتك..

 

سيدي الوقت

أدعوك لجلسة مصارحة نجلس فيها نحتسي القهوة ونتشارك معا كل ما في الذاكرة من صور وافلام مصورة مطبوعة في العمر ومغمسة بالمشاعر والسكنات المعطرة بالزمن الغابر..

أدعوك أن تجد وقتا لنجلس معا جلسة تتجلى فيها رؤيتك وتنجلي فيها قلوبنا وقلبك اللاهث خلف عقارب لاسعة خادعة. واتمنى ان تستجيب لدعوتي وأن لا تخيب ظني كما فعلت دوما مع كل من سلف.

 

أميرة سكر

شاهد أيضاً

أنا محاربة بقلم: – دعاء نعيم…!

أنا محاربة بقلم: – دعاء نعيم لا نحتاج لمن يهدينا الورود ولا يوم يكفينا، حاربت …