بيروت، في xx أيلول، 2018: “بدأ كل شيء من لقاء قريب مع الماضي الذي نعرف عنه القليل والذي منه بدأ كل شيء”. مستمداً وحيه من هذا التعبير، افتتح أنطونيو سينيوريني، الفنان الإيطالي، معرضه بعنوان “المحاربون” في لبنان في 17 أيلول، 2018 في غاليري مارك هاشم، الذي يتضمّن واحدة من أهمّ مجموعاته والتي كانت قد عُرضت في تموز وآب، 2018 في المساحة الفنية Fondaco Marcello في البندقية. وسيستمرّ المعرض المشارك في بيروت آرت فير وبيروت آرت ويك والمنظّم من الجمعية اللبنانية للمهرجانات الثقافية، حتى 3 تشرين الأول، 2018.
تتألف مجموعته من سبع قطع فردية مشغولة بسبائك البرونز على ركيزة رخامية إيرانية. وستُعرض المنحوتات قبل وخلال معارض بيروت واسطنبول الفنية. أما قطعته الفنية الضخمة بعنوان “DNA”، فستُعرض في المعرض لتُعرّف محبي الفن على روح عمل الفنان.
معلّقاً على فنّه، يقول سينيوريني: “خلال أعمال البحث التي أقوم بها، ذُهلت برسوم قديمة عمرها 14000 عاماً. هي رسوم مجرّدة ولكن حقيقية في الوقت نفسه. وفي بساطتها البريئة تشبه تلك الرسوم إلى حدٍّ كبير رسوم الأطفال. فتشبه رسوم الكهوف طفولة العالم، نبدأ جميعنا بالرسم بالطريقة نفسها. بالنسبة إلي، لا وجود للماضي والحاضر، ولا ترتيب زمني للحياة والفن، فهو دائماً معاصر لأنه يوحي بالمشاعر الحقيقية دائماً”.
وأضاف قائلاً: “أوحت إلي تلك الرسوم وتخيّلت أي شكل ستتخذ إن أصبحت منحوتات، وانطلاقاً من هذه الفكرة، وُلد مشروع المحارب في ذهني. رأيت المحاربين يركضون ويتحركون في الصحراء، في الأراضي اللامتناهية الزاخرة بالغزلان والحيوانات الراكضة. تخيّلت رماحهم وأقواسهم وسهامهم المستعدّة للصيد، فربطت نفسي بالماضي البعيد وكأنه الحاضر الحقيقي”.
اكتسب “المحاربون” شهرة واسعة عالمياً، فيصف المجموعة واحد من أهمّ الصحافيين الإيطاليين الذي يعمل في صحيفة giornale dell’arte في تورينو، إيطاليا، فرانكو فانيللي، قائلاً: “إنه رمز هائل. فيمنح المحارب/الصيّاد المتسلّح بحربة، المنحوتة، قانون رسمي حيث تفسح عظمة بعض الوضعيات المجال إلى دينامية في أشكال اصطناعية، نجد فيها أصداء مستقبلية، إن لم يكن هناك بحث واضح عن التناغم الصافي والمجرّد. ويصحّ القول إن المحاربين/الصيادين/رعاة الصحراء، المستنتجين من منحوتة المسافر، يخرجون من الكهوف ويكتسبون الحياة على شكل إنسان ولكنهم رجال آليين، قديمين ومستقبليين في آنٍ معاً: إنسانية مع تركيبة بنيوية آلية، ميكانيكية، ضرورية ومثالية، تستخدم المنطق الأقصى في استعمال القوّة، التحرّكات، الأثقال، والأثقال الموازنة. هي مخلوقات أصبحت تصرّفاتها (الاندفاع، اللحظة السابقة لرمي الرمح، الاستراحة) تتلاقى في إيقاع رقصة طقسية حيث يتعايش التهديد مع النعمة. المنحوتات على شكل رموز: في هذا الشكل، تأخذ مخلوقات ما يُعرف اليوم بالصحراء وقديماً بعدن، أصولها الأساسية المحفورة على الصخر من سرد للطقوس أو من تنفيذ عمل معين”.
أما الصحافية والكاتبة الفنية أنّا سيمن، فتقول: “خُلق المحاربون لتمثيل رحلة الفنان ولتكون تشبيهاً للحياة الإنسانية التي هي رحلة بحدّ ذاتها. فهذه المجموعة مستوحاة، مؤثًّرة ومهداة إلى العصر الحجري القديم. وقد استوحي المحارب الأول من رسوم في كهوف صحراء ليبيا، المملكة العربية السعودية والمناطق الداخلية للجزائر، أما المحاربون الآخرون فقد طُوّروا واحد تلو الآخر كذكرى لماضيه، مثل حكاية قديمة تكتسب الحياة من خلال فنّه الجامع للإنسانية كلها”.