أهؤلاء بشر؟ كتب الاعلامي الياس قطار

هو الألمُ وسيرورتُه يولّدان تلك “السّرياليّةَ” الغريبةَ الّتي تحكمُ بيروتَ الجميلةَ وتتحكّمُ بمفاصلِ علاقتِنا بها. فجأةً يسقطُ العقلُ، يخجلُ المِخيالُ، تُترَكُ السّاحةُ لحجرٍ يبكي بشرًا، لوجدانٍ قريبٍ ولآخرَ غريبٍ أحبَّ تلك المدينةَ مِن قربٍ ومِن بُعد. لو استمررنا في أنسنةِ بيروتَ مخاطَبةً سنخلصُ إلى نتيجةٍ واحدة: حتمًا تعبت وربّما استسلمت. ولو تراجعنا عن ذلك وأعدنا إلى بيروتَ صفةَ الجمادِ مخاطَبةً سنخلصُ إلى نتيجةٍ أشدّ قساوةً وإيلامًا: حتّى جمادُها تعب، حتّى حجارتُها تعبت، ولشدّةِ تعبِها استسلمَت وتلاشت فصارت مدينةُ البشر أكوامًا من حجر، تُخفي وجعَ مَن انتظر ومَن على أشلاءِ فلذةٍ عثر ومَن بعثرَ دموعَه المطر؛ تستنزفُ صبرَ من صبر، تُبكي من سكَن ومن عَبَر وتُرهقُ من على أقسى الحروبِ انتصر. إلى مَن أعناقَنا نحَر وبإيمانِنا في ترابِ مدينتِنا غدَر: أهؤلاء بشر؟
الصّورةُ بعدسة: رامي رزق