وصفت وزيرة الاعلام الدكتورة منال عبد الصمد نجد “حملات التضليل والشائعات التي تتناول الحكومة بالمعيبة والمميتة، والهدف منها جعل مهمة الانقاذ اصعب من ان تتحقق”، مؤكدة اهمية “الرقابة الذاتية ومحاربة التضليل والاخبار المزيفة”.
كلام عبد الصمد جاء خلال إطلاقها “منتدى مكافحة الاخبار المزيفة” الذي عقد اليوم، في السرايا الحكومية، وإطلاق صفحة إلكترونية بعنوان lebanon check fact كخطوة مواكبة للحملة القائمة “صححوا المعلومة” التي اطلقت لمكافحة انتشار المعلومات الخاطئة حول فيروس كورونا في لبنان، والتي بدأتها بعدد من الحملات الاعلامية للتحقق من الاخبار وتصحيح الاخبار الخاطئة، بالتعاون مع اليونيسيف و UNDP ومنظمة الصحة العالمية، مرورا بتدريب محررين ومندوبين من “الوكالة الوطنية للاعلام”، وصولا الى هذا المنتدى الذي يهدف الى تبادل الخبرات ومكافحة الاخبار المضللة والوصول الى استراتيجية موحدة للمساعدة في تحقيق مصلحة الوطن اولا.
شارك في المنتدى وزير الصحة العامة الدكتور حمد حسن وعدد من الباحثين والعاملين في مجال مكافحة الاخبار الزائفة وممثلو المنظمات الدولية وإعلاميون.
تخلل المنتدى اربعة محاور رئيسية شملت مداخلات للمشاركين من سياسيين واعلاميين واختصاصيين، اضافة الى مقابلات فيديو خارج لبنان عبر الانترنت بواسطة تطبيق skyp.
عبد الصمد
بداية، عرض فيديو عن الشراكة للتحقق من الاخبار الكاذبة، تضمن اطلاق موقع صفحة التحقق lebanon check factK، ثم ألقت وزيرة الاعلام كلمة سألت في مستهلها: “معقول انا أتقاضى راتبين ولا علم لي بذلك؟ او اني قدمت استقالتي من الحكومة؟ هذه عينة من الشائعات”.
وقالت: “أعلم صعوبة ان يتعرض الشخص لحملة شائعات مغرضة مهما كان قويا، لانني شخصيا كنت ولا أزال عرضة للشائعات، احيانا هناك اشخاص يؤلفون الشائعات للتسلية لكن هناك اناس يسعون الى اختلاق احداث او تلفيقها او تشويهها او المبالغة فيها بهدف استقطاب الرأي العام لمآرب سياسية او اقتصادية او ربما لغايات شخصية. أما انت ايتها الصحافة، يا صاحبة الجلالة، لا تتخلي عن عرشك وتاجك، وقفي في وجه الأخبار المغلوطة والشائعات المغرضة”.
أضافت: “قبلت بالمنصب لخدمة الوطن ومن يخدم الوطن لا يهرب من المسؤولية بسهولة”.
وتابعت: “نجتمع اليوم تحت قبة السرايا الحكومية التي تتعرض يوميا هي ورئيسها لابشع النواع الاستهدافات في حرب كلامية من نوع اخر تهدف لتضليل الرأي العام. حملات التضليل والشائعات التي تتناولنا كحكومة، معيبة ومميتة ليس للحكومة، بل للشعب ككل وللوطن كله. والهدف هو تيئيس اللبنانيين، هذا الشعب الذي يحب الحياة ويستحيل أن يموت، كما قتل روح المبادرة وارادة تحسين الوطن، او جعل مهمة الانقاذ اصعب من ان تتحقق. لكننا نعتقد أنه كلما زادت الشائعات والاخبار الكاذبة فهذا يعني اننا على الطريق الصحيح”.
وأردفت: “لن أعدد لكم الشائعات، وكلنا نستخدم وسائل الحصول على المعلومات نفسها، ونستمع للاخبار التي يتم تداولها. ولا شك ان التكنولوجيا الحديثة تجعل من منصات رسائل التواصل الاجتماعي بيئة حاضنة وارضية خصبة لترويج كل انواع الاخبار. والتلاعب بمحتوى اي معلومة او صورة او فيلم فيديو او تسجيل صوتي اصبح امرا في غاية السهولة، من هنا تأتي اهمية الرقابة الذاتية، ففي العصر الرقمي كل فرد منا اصبح مسؤولا عن كل كلمة يقولها، وكذلك هو مسؤول عن اي خبر او صورة او فيديو يساهم بنشره”.
وقالت عبد الصمد: “منتدانا اليوم، يحارب حملات التضليل المبنية على الشائعات والاخبار المزيفة، فهذا الموضوع بالغ الاهمية ويشغل الاوساط الاعلامية في لبنان والعالم. قد لا نستطيع وقف حملات التضليل لكننا نستطيع الحد منها، ومن هذا المنطلق انشأنا كوزارة اعلام، صفحة lebanon Check Fact ضمن موقع الوكالة الوطنية للاعلام للتحقق من الاخبار المزيفة، وهذه الصحفة ستكون في متناول الجميع للتأكد من خلالها من صحة أي خبر يكون عرضة للشك”.
أضافت: “أرحب بالحضور الذي يشمل مسؤولين حكوميين وأمميين ودبلوماسيين وممثلين عن ابرز شركات التواصل الاجتماعي في الشرق الاوسط والعالم، ومن يتابعنا مباشرة عبر مواقع وزارة الاعلام على صفحات الفيسبوك وتويتر، وعبر شاشة تلفزيون لبنان. ولا ننسى السادة الاعلاميين الذين يشكلون أهم سلاح في وجه حملات التضليل، فهم من يستطيع المساهمة في خنق الشائعة منذ البداية عبر التأكد من صحة المعلومات الواردة فيها”.
ودعت الاعلاميين الى “ألا يتخلوا عن رسالتهم بنشر الحقيقة”، وقالت: “نعتمد عليكم للمساعدة في الانقاذ وتحقيق مصلحة الوطن اولا”.
وتمنت ان “يقدم هذا المنتدى للجميع معلومات وافية وافكارا قيمة تساهم في مساعدة الاعلاميين”.
وختمت بالقول: “الانسان عدو ما يجهل فلا يجوز ان يصبح الانسان عدو ما يعلم: صححوا المعلومة”.
الجلسة الاولى
وأدارت نائبة مدير الاخبار في “تلفزيون لبنان” ندى صليبا الجلسة الاولى عن مكافحة الاخبار المزيفة، وتحدث فيها عن كيفية التصدي لهذه الاخبار كل من مدير مكتب اليونيسيف في لبنان يوكي موكيو، مسؤولة السياسة العامة لـ”فايسبوك” في المشرق ودول مجلس التعاون الخليجي تارا فيشباخ، مسؤول السياسة العامة والعمل الخيري في “تويتر” في الشرق الاوسط وشمال افريقيا وجنوب آسيا جورج سلامة والاعلامية المحققة في قسم الاخبار الكاذبة في وكالة الصحافة الفرنسية في بيروت جوزيت ابي تامر والمعالج النفسي نبيل خوري.
صليبا
استهلت صليبا الجلسة بالاشارة الى ان “الاخبار المزيفة تعتبر من أخطر الاسلحة المستخدمة حديثا لقدرتها على استهداف الانسان بنفسيته ومحتوياته ومعتقداته وغرائزه وعقله، لذلك تشكل قوة هائلة قادرة على استهداف اي مجتمع او دولة”.
ورأت ان “فترة الازمات تعتبر المرحلة الانسب لنشر الاخبار المزيفة والترويج للشائعات، فتكون الارض خصبة وتأثير هذه الاخبار اقوى على الناس”.
موكيو
بدورها، رأت موكيو ان “أزمة كورونا اظهرت الحاجة الضرورية للوصول الى معلومات موثوقة وموضوعية ودقيقة، والى اهمية الشراكة والحوار في عملية الجهوزية والاستعدادات خلال اعلان حالات الطوارىء الصحية”.
وتحدثت عن عمل اليونيسيف في لبنان منذ العام 1948 من دون اي انقطاع لا سيما في مساعدة الاطفال والاسر المهمشة، لافتة الى ان اليونيسيف “تعمل مع وزارة الاعلام على تطوير حملات الدعم واقامة منصة لمكافحة الشائعات، وتدعم الموقع الالكتروني الجديد”.
ونوهت بجهود الحكومة لا سيما وزارة الاعلام في هذا الصدد، ورأت في “إطلاق الموقع تأكيدا على الجهود لوضع حد للمفاهيم المغلوطة وكبح الاخبار المزيفة في لبنان”.
فيشباخ
وتحدثت فيشباخ من دبي عبر سكايب، عن الاجراءات التي اتخذها “فايسبوك” للحد من الاخبار الكاذبة، مشيرة الى أنه “يتأكد من الاشخاص واضعي المعلومات ويكافح انتشار المعلومات المزيفة، اضافة الى توجيه الاشخاص الى المعلومات الدقيقة وكبح المعلومات المغلوطة”.
وقالت: “سياستنا عالمية ونعتمد مقاربة عالمية لتكون المنصة آمنة للجميع في هذه الازمة”.
سلامة
وعن كيفية تدخل “تويتر” لملاحقة الاخبار الكاذبة والحد من انتشارها، قال سلامة: “نشجع الحوارات العامة ونحرص على تسهيل وصول الاشخاص الى المعلومات الصحيحة، ونعمل على كبح المعلومات المغلوطة”.
أضاف: “بات لدينا دائرة خاصة للاستشارات لمكافحة هذه الافة تسمح للاشخاص بأن يتحققوا بأنفسهم من المعلومات اذا كانت دقيقة ام كاذبة”.
ولفت الى أن هناك “مجموعة من الخطوات يمكن اتخاذها لمحاربة المعلومات المغلوطة”، مشددا على اعتماد سياسة عدم التسامح بالتلاعب بالمنصة”.
ابي تامر
وأوضحت ابي تامر ان “التقصي عن الحقائق يقع في صلب عمل الوكالة الفرنسية”، مشيرة الى عقد تم توقيعه بين ادارة “فايسبوك” و”الوكالة الوطنية للاعلام” للتدقيق في الاخبار.
وتحدثت بإسهاب عن العمل اليومي كفريق تقصي صحة الاخبار باللغة العربية، وكيفية التبليغ عن الاخبار المضللة والملامح العامة للاخبار لكاذبة والمبادىء العامة لتقصي صحة الاخبار.
خوري
واختتم خوري الجلسة الاولى بالحديث عن الاثر النفسي الذي يمكن ان يصيب الفرد او المجتمع جراء الاخبار الكاذبة، موضحا أنها “يمكن ان تكون مدمرة للافراد والمجتمعات”.
الجلسة الثانية
وأدارت الجلسة الثانية معدة ومقدمة البرامج في “تلفزيون لبنان” ريمان ضو بعنوان “اخبار غير صحيحة: كورونا”.
الشنقيطي
افتتحت الجلسة ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان ايمان الشنقيطي بكلمة رأت فيها انه “في زمن التواصل الاجتماعي الحالي الذي يعتمد على سرعة انتشار الخبر، من السهل جدا اختلاق شائعة ونشرها خلال دقائق لأعداد كبيرة من الناس في زمن ذوبان الحدود الجغرافية عبر وسائل التواصل، وباتت الشائعات وباء حقيقيا ودائما يجب مكافحته بشتى الطرق”.
وقالت: “منذ اعلان جائحة كوفيد 19، رصدت مئات الشائعات حول الوباء، منها انه مؤامرة للحد من تكاثر الجنس البشري، وان هناك لقاحا معدا مسبقا وما هو الا عملية تجارية لبعض شركات الادوية وغيرها، غير ان الحقيقة ان الابحاث العلمية تنشط لايجاد العلاجات واللقاحات ويجب نشر الحقيقة لدحض الشائعات”.
أضافت: “يمكننا ان نراجع مواقع موثوقة مثل مواقع وزارتي الصحة العامة والاعلام ومنظمة الصحة العالمية واليونيسيف وبرنامج الامم المتحدة لنتحقق من مصدر المعلومات التي نراها”.
وأكدت “حرص منظمة الصحة العالمية في لبنان مع شركائنا في الامم المتحدة ووزارتي الاعلام والصحة، على مواجهة اي شائعة”.
حسن
بدوره، أشار وزير الصحة الى ان “دور الاعلام يظهر مع كل تحدي عاصف يهدد امن البلد”، وقال: “أمن المجتمع مسؤولية الجميع، لكل أمر في أي وقت ابعاده وخطورته ولكننا لا نستطيع ترك الشائعات تهدم كل شيء”.
أضاف: “نعاني جراء الامن الصحي ويمكن لذلك ان يسبب الهلع والذعر لدى المواطن، فيهدد كيانه واعصابه في بيته او قد يصله الرعب عبر الشاشات لان هناك من هو غير مسؤول ويتسلى بخبرية من هنا وهناك، وتتحول الخبرية من عابرة الى خطر يجب مواجهته، في الوقت الذي يجب ان نصب كل جهدنا لخدمة الانسان ورفع معنوياته”.
وتابع: “ما يؤسفا أن الاخبار الكاذبة حول كورونا تأتي احيانا بشكل مقصود لتبدد كل استراتيجياتنا. لقد حان الوقت لتفرض الحكومة غرامة وعقوبة على كل من يطلق الشائعات المغرضة، ومن دون ذلك نكون مقصرين او مشاركين”.
وأردف: “كل القوانين النافذة في العالم تحاسب على اطلاق الشائعات والاخبار الكاذبة، فالمزحة اذا كانت تحمل شرا يجب المحاسبة عليها”.
وختم: “بين الحق والباطل، والصح والخطأ، هناك كلمة مسؤولة، وعلى كل شخص ان يكون مسؤولا مع ادارة حكيمة، فإدارة الازمات هي غايتنا”.
البزري
ورأى رئيس اللجنة الوطنية للامراض السارية والمعدية الدكتور عبد الرحمن البزري ان “الخبر الصحي بات يشكل أولوية لدى وسائل الاعلام”، وقال: “الاعلام يتعلم ونحن نتعلم”.
واعتبر أن “الاعلام الرسمي والخاص لا يمكنه منافسة وسائل التواصل الاجتماعي في نقل الخبر”، داعيا الاعلام الرسمي الى “نقل وجهة النظر الرسمية ليكون لسان الحكومة، والمطلوب منه ان يكون اكثر ديناميكية للوصول الى الناس”.
وأشاد بوزير الصحة “المنفتح على كل الاراء العلمية”، مؤكدا “ضرورة ان يكون هناك مصدر رسمي واحد للاخبار حول الكورونا”.
وأيد “محاسبة مزوري الاخبار”، مطالبا بـ”إقامة ورش عمل لتدريب الاعلاميين من أجل التعامل مع الخبر الصحي والوبائي”، معتبرا أن “ورش العمل التي تقيمها منظمة الصحة العالمية هي الطريقة الوحيدة لوقف بث الشائعات عن الجائحة الاعلامية”.
معوض
وعددت الاعلامية في صحيفة “النهار” رولا معوض الامثلة التي لاحظتها عن الشائعات، منتقدة “ندرة اهتمام الاعلام في السابق بالاخبار الصحية”.
وقالت: “الصحة ليست رفاهية ومقاربتها ليست تسلية، ولا يوجد آلية للتعاطي مع المواضيع الصحية في لبنان، ولا ما يسمى وجهة نظر بالصحة”.
ملكي
وختم الباحث ورئيس قسم الاعلام في الجامعة اللبنانية الاميركية جاد ملكي الجلسة بالحديث عن دراسة عن “مواجهة الوباء المعلوماتي واستخدامات وسائل الاعلام والاتصال في لبنان”، أجرتها 4 جامعات وخبراء صحة واعلام، وخلصت توصياتها الى ان “فكرة ضبط الفايك نيوز خرافة والبديل هو ضخ المعلومات وادخال التربية الاعلامية والرقمية في كل المناهج المدرسية، اضافة الى تدريب الاعلاميين وقادة الرأي المحليين والعاملين في القطاع الصحي”.