أعلنت “الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية – لا فساد”، الفرع الوطني لمنظمة الشفافية الدولية، حصول لبنان على درجة 100/28 للعام السابع على التوالي، بحسب مؤشر مدركات الفساد لعام 2019، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية. وبحسب المؤشر نفسه فقد احتل لبنان المرتبة 137 عالمياً من أصل 180 دولة يُقيسها المؤشر، مقارنة بمرتبة 138 من أصل 180 لعام 2018، وهذا التقدّم لا يعكس تحسّن نتيجة لبنان، لا بل ينتج عن تراجع لبعض البلدان في المؤشر العامّ. أما على المستوى الإقليمي، فقد تربّع لبنان في المرتبة 13 من أصل 18 دولة عربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقد بلغ المعدل الإقليمي العامّ 100/39.
مؤشر مدركات الفساد هو مؤشر يُقيس مدى إدراك المجتمع للفساد في القطاع العامّ بناءً على 13 مؤشراً مختلفاً تعتمدهم منظمة الشفافية الدولية، ويمنح المؤشر درجة تتراوح من صفر إلى 100 نقطة، فكلما اقتربت الدولة من درجة صفر عكس ذلك ارتفاعاً في مستوى الفساد لديها والعكس صحيح. وقد اعتمد تصنيف لبنان على 7 من أصل 13 مؤشراً للتقييم، كما تجدر الاشارة إلى أن التوقيت الزمني لقياس المؤشر هو من تشرين الأول 2018 إلى تشرين الأول 2019، أي قبل 17 تشرين الأول 2019.
وقال الدكتور مصباح مجذوب، عضو مجلس إدارة جمعية “لا فساد” إن 100/28 هي درجة الرسوب التي لا يزال لبنان يستحوذ عليها للعام السابع على التوالي، على الرغم من البرامج الاصلاحية التي تعهدت الاحزاب السياسية بتنفيذها من خلال برامجها الانتخابية النيابية لعام 2018، من مكافحة الفساد وتطوير النظام الإداري. إلا أن هذه البرامج لم تُترجم فعلياً، الأمر الذي انعكس على الواقع السياسي والاقتصادي والمالي والنقدي، الذي بدأ من التأخير في تشكيل الحكومة، وتعطيل الحكومة أكثر من مرة نتيجة الخلافات السياسية القائمة، وتخلّف لبنان في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والإدارية التي تعهّدت الحكومة بتنفيذها في مؤتمر “سيدر”، بدءاً من إقرار سلة تشريعية تتضمن قوانين تُساهم في تعزيز الشفافية والنزاهة، فضلاً عن التأخر في إقرار الموازنة العامّة لعام 2019. كل ذلك أدى إلى إضعاف الثقة ما بين المواطن والسلطة، وابقاء درجة لبنان 100/28، وإلى المساهمة في انطلاق “ثورة 17 تشرين الاول 2019” التي قد تكون حافزاً لتحسين درجة لبنان، وإلا سيكون مصيرنا المزيد من التراجع إذا استمرينا في اعتماد السياسات الاقتصادية والمالية السابقة.
وأضاف الدكتور مجذوب أن لبنان يمرّ بمرحلة دقيقة وأن ما يحدث اليوم يحتّم على الحكومة المُشكّلة أن تعيد بناء الثقة الشعبية المفقودة وذلك من خلال، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
- إقرار وتطبيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، التي أطلقتها وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية في نهاية شهر نيسان 2018، وذلك ضمن إطار تنفيذ لبنان لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وأهداف التنمية المستدامة والتزام لبنان بتطبيق أجندة الأمم المتحدة للعام 2030.
- وضع خطة عملية لتقييم المخاطر وللتخفيف من مخاطر الفساد في جميع الوزارات والإدارات العامّة ووضع تدابير وقائية عاجلة لمكافحة الفساد في القطاعات المعنية بمؤتمر “CEDRE”، الذي انعقد في شهر نيسان 2018، لا سيما في قطاع الكهرباء والأشغال العامّة، وإدارة النفايات الصلبة.
- تطبيق قانون الحق في الوصول إلى المعلومات بشكلٍ فاعل وتعيين موظف معلومات من أجل تلقي طلبات المواطنين في الحصول على المعلومات، بالإضافة إلى تبني مسودة الخطة الوطنية للحق في الوصول الى المعلومات.
- اصدار مراسيم تطبيقية لقانون الحق في الوصول إلى المعلومات (28/2017) بشكلٍ يحترم فيه روحية القانون والدستور والمبادئ الدولية للحق في الوصول الى المعلومات.
- إقرار مرسوم “السجل البترولي” بشكل يشمل قطاع الغاز والنفط.
كما تشدد الجمعية على ضرورة تفعيل العمل التشريعي البرلماني من خلال إقرار الموازنة العامّة للعام 2020 وقطع الحساب كأولوية إصلاحية، فضلاً عن وجوب إقرار حزمة كبيرة من القوانين الإصلاحية الضرورية، على سبيل المثال لا الحصر، قانون استقلالية القضاء، إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، تعديل قانون الاثراء غير المشروع، وتعزيز دور الهيئات الرقابية، بالإضافة إلى العمل على إصدار قانون انتخابي عادل.
لبنان اليوم أمام فرصة حقيقية في إعادة بناء الدولة وفي تحسين درجته ومرتبته للعام المقبل، فهل سنتمكن من العبور نحو دولة المؤسسات؟ ومن هنا نعود ونؤكد أن لا نمو اقتصادياً أو أمن اجتماعياً أو تنمية مستدامة من دون شفافية ومكافحة للفساد.
احتلت كل من الدانمارك ونيوزيلندا المرتبة الأولى بدرجة 100/87 على المستوى العالمي، بينما احتلت دولة فنلندا المرتبة الثانية بدرجة 100/86 وكُلّ من السويد وسويسرا وسنغافورة المرتبة الثالثة بدرجة 100/85. أما عربياً فقد حتلت الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى بدرجة (100/71) وقطر المرتبة الثانية بدرجة (100/62)، بينما احتلت الصومال احتلت المرتبة الأخيرة عربياً وعالمياً بدرجة 10/100 على المستوى العالمي، يليها غرب السودان (100/12) وسوريا (100/13) واليمن (100/15) وفنزويلا (100/16)، وتجدر الإشارة إلى أن المعدل الوسطي العالمي قد بلغ 100/43.