حفل اطلاق طوابع “الطيور المهاجرة” في قصر بعبدا

اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون العمل على معالجة أزمات كثيرة دون ان يعني الامر “أن نتجاهل شؤوناً أخرى لها أيضاً أهميتها ودورها الحيوي في حياتنا”، معتبرا في هذا السياق ان “احترام قوانين الطبيعة ليس ترفاً والسعي الى بيئة سليمة ليس من الكماليات”، ومشددا على الدور الكبير الذي يمكن للمؤسسات التربوية ان تقوم به من خلال ادراج البيئة في برنامجها التعليمي وتعليم الطلاب احترامها وطرق المحافظة عليها.

واذ اوضح رئيس الجمهورية إن “البيئة السليمة هي حق لكل إنسان، كذلك هي ركن من أركان التنمية البشرية والاقتصادية”، فانه كشف ان احتفال اليوم بإطلاق طوابع الطيور المهاجرة هو “تأكيد منا على إصرارنا على تحويل لبنان الى ممر آمن لهذه الطيور”. واعتبر ان الجميع مدعوون الى التعاون والتنسيق في ما بينهم للتوصل الى تطبيق القانون الخاص بالصيد البرّي.

كلام الرئيس عون جاء في خلال حفل اطلاق طوابع “الطيور المهاجرة” في قصر بعبدا قبل ظهر اليوم وذلك لمناسبة اليوم العالمي للطيور المهاجرة . ويبلغ عدد الطوابع ثلاثة تحمل صورا لطيور تعبر الاجواء اللبنانية.

وحضر الاحتفال اللبنانية الاولى السيدة ناديا الشامي عون، وزير الاتصالات الدكتور محمد شقير ووزير العدل البير سرحان وعدد من النواب ووزراء ونواب سابقون، واعضاء من السلك الديبلوماسي والقنصلي وعدد من المدراء العامين والمساعدة الخاصة لرئيس الجمهورية السيدة كلودين عون روكز ومدير جمعية حماية الطبيعة في لبنان السيد اسعد سرحال والمدير الاقليمي لجمعية Bird life International السيد ابراهيم خضر وعدد من الفاعليات والناشطين البيئيين.

وقائع الاحتفال

بدأ الاحتفال بالنشيد الوطني ثم عرض فيديو قصير لاطلاق الطوابع قبل ان يلقي المستفيدون كلماتهم، حيث اشارت التلميذة ياسمينا همدر باسم التجمع اللبناني للبيئة الى بعض المخاطر التي تهدد الطيور المهاجرة، ومنها النفايات البلاستيكية قبالة السواحل البحرية، لافتة الى أن دراسة فرنسية أكدت وجود ما يقرب من 500 طن من النفايات البلاستيكية تلوث البحر الابيض المتوسط، واصبحت جزءاً من الطحالب البحرية التي تجذب الطيور المهاجرة، وتؤدي إلى نفوقها.

واضافت أن التجمع اللبناني للبيئة يعمل بالتعاون مع جمعية حماية الطبيعة، لحماية الطيور وتنظيم الصيد واطلاق الحمى.

رشا حسن

من جهتها، القت التلميذة رشا حسن باسم جمعية المتن الاعلى للبيئة والتنمية المستدامة كلمة لفتت فيها الى ان حمى رأس المتن كانت من اولويات مشاريع الجمعية وبدعم من جمعية حماية الطبيعة في لبنان. وقالت “شرعنا بالتخطيط لاعادة تأهيل الحمى المقام على 6 مليون متر مربع من المشاع العام في بلدة رأس المتن بقرار من البلدية بهدف حماية التنوع البيولوجي واعادة زراعة النباتات التي انقرضت بفعل الحرائق”. ولفتت الى ان “رأس المتن هي احدى المحطات الرئيسية للطيور العابرة فوق لبنان، وقد قام بزيارتها لمراقبة الطيور اكثر من وفد من الدول الاوروبية، كما نتواصل مع الجمعيات العالمية المانحة لانشاء منصات لمراقبة الطيور على كتف وادي لامرتين وسنبني بمكرمة كريمة من السفارة اليابانية مركز الحمى للتواصل الاجتماعي بعدما انشأنا النادي البيئي بدعم من جمعية المتن الاعلى ونحن في الوقت ذاته حماة الحمى.”

وقدرت حسن الدعوة الى احتفال اليوم آملة ان يبقى الرئيس عون داعما لبيئة نظيفة في لبنان.

جان ميني

ثم تحدث مدير عام West Bekaa Country Club جان ميني فنوه بجهود مدير عام جمعية حماية الطبيعة ودعم رجل الاعمال هنري شديد، معتبراً أنهما قدما مثالا رائعاعن العمل الجماعي الذي اسفر عن اقامة “مركز حماة الحمى الدولي” الذي يعنى بالسياحة البيئية والريفية وتطويرها، وهي تجربة ناجحة بين منظمة غير حكومية وشركة تابعة للقطاع الخاص تهدف الى الحفاظ على الطبيعة. كما نوه ايضاً بجهود رئيس مركز الشرق الاوسط للصيد المستدام ادونيس الخطيب في هذا المجال.

ورأى ان اختيار الويست بقاع كونتري كلوب كنقطة انطلاق لكل هذه الاعمال جعل تجربة القطاع الخاص مع الجمعيات تجربة يعوّل عليها، لافتاً الى أننا اليوم ” شهود على أن موضوع البيئة في عهد فخامة الرئيس عون لم يعد موضوع هوامش بل موضوع اساسيات لبناء مستقبل سليم. فالدعوة الى معاهدة سلام يبن الانسان والطير والشجر ليست شعارًا سياسيًا إنما هدف وطني حقيقي” .وقال “اليوم كلنا شهود على ان المساعدة الخاصة لفخامة الرئيس السيدة كلودين عون هي عرابة هذه الدعوة ونتمنى ان نصل مع كل الشركاء والوزارات المعنية الى شط امان يحمينا.”

بشير فرحات

واختتم كلمات المستفيدين رئيس بلدية حمانا السيد بشير فؤاد فرحات الذي لفت إلى أن حمانا هي ممر للطيور المهاجرة، وقد قامت البلدية باجراءات للحفاظ عليها وعلى الثروة الطبيعية، اهمها صدور قرارين بلديين باقامة “حمى حمانا” وتعيين “حماة للحمى”، هم كناية عن متطوعين من ابناء البلدة مهمتهم الحفاظ على هذه الحمى وتفعيل السياحة البيئية .

واشار فرحات الى ان البلدية ايضاً وبالتعاون مع جمعية حماية الطبيعة في لبنان، بدأت بانشاء مرصد لمشاهدة الطيور المهاجرة يكون بتصرف المواطنين والسياح وطلاب المدارس، كاشفاً عن أنها وضعت من ضمن أولوياتها التركيز على العمل البيئي، واطلاق مشاريع تفعيل السياحة البيئية وتنظيم دورات تدريبية وتثقيفية للمواطنين، لحضهم على تحمل مسؤولياتهم الاخلاقية تجاه مجتمعهم.

فيديو خاص

ثم عرص فيدو خاص لـBird life International تناول حياة الطيور وترحالها وما تقوم به الجمعية في سبيل حمايتها.

كلمة سرحال

وتحدث بعد ذلك، رئيس جمعية حماية الطبيعة في لبنان مقدماً شروحات حول ماهية نظام الحمى العالمي الذي يهدف الى حماية الطيور. واشار بعدها الى الاهداف التي تسعى الجمعية الى تحقيقها، ومنها اقامة سلسلة من المناطق المحمية في لبنان، لافتاً الى بلوغ عدد المحميات في لبنان الخمس عشرة محمية اضافة الى بلوغ عدد الحمى اثنين وعشرين، ما يشكل 15 % من مساحة لبنان.

وأوضح سرحال أن المحميات والحمى يكملون بعضهم بعضاً، ويشكلون معاً شبكة أمان للطيور المهاجرة، معدداً ما انجزه لبنان في السنوات الخمس عشرة الماضية في مجال حماية الطيور، وآخر هذه الانجازات اقرار قانون جديد للمحميات. وشدد على أهمية العمل مع المدارس لتقديم التدريب والتوعية اللازمين للطلاب في مجال حماية الطيور.

وشكر سرحال أخيراً سفيرة الطيور في لبنان السيدة كلودين عون روكز، على جهودها لحماية الطيور.

كلمة الوزير شقير

وبعد عرض فيديو عن الطيور المهاجرة، القى الوزير شقير كلمة هنا نصها:

“أعبر امامكم عن سعادتي الكبيرة لمشاركتي في هذا الاحتفال المهم جدا هنا في قصر بعبدا برعاية وبعناية فخامة الرئيس ميشال عون تعبيرا عن الاهتمام الشديد في هذا الموضوع الذي يمسّ بالعمق صورة لبنان وطبيعته ودوره الحضاري في المنطقة والعالم.

لقد انعم الله علينا بموقع مميز لبلدنا، كصلة وصل بين الشرق والغرب جغرافيا وثقافيا وحضاريا، واكرمنا بنعمة اضافية رائعة تتمثل بكونه ايضا من اهم الممرات في العالم للطيور المهاجرة التي تزين سماءنا ومناطقنا وغاباتنا وتساهم في تحقيق التوازن لطبيعتنا وبيئتنا.

من غير المسموح استمرار هذا الاعتداء الصارخ على الطيور المهاجرة انها جريمة ترتكب ليس بحق هذه الطيور انما ايضا بحق بلدنا على مختلف المستويات.

ان نجاحنا في ادارة شؤون البلاد لا يكمن فقط في توفير الاستقرار السياسي والامني والازدهار الاقتصادي والعمراني، انما ايضا وبشكل اساسي في الحفاظ على طبيعته وبيئته، لاسيما الطيور المهاجرة التي تشكل جزءا اساسيا من صورته الجمالية.

فعلا انها قضية وطنية، يجب ان ننخرط جميعا كل حسب مسؤولياته لوقف هذه المجزرة التي ترتكب بحق الطيور المهاجرة.

اليوم نحن في وزارة الاتصالات نساهم في هذا الجهد من خلال وضع طوابع ” الطيور المهاجرة” التي تحمل رسالة مهمة للمجتمع اللبناني تضيء على اهمية هذه الطيور وتنشر الوعي حول ضرورة الحفاظ عليها.

شكرا فخامة الرئيس، خيرا فعلتم باحتضان هذا الحفل الذي يجمع مختلف المعنيين بهذا الموضوع في القصر الجمهوري، لان ذلك يشكل اقوى رسالة للداخل والخارج لاهتمام لبنان بهذه القضية الوطنية والعالمية.

كلمة الرئيس عون

وفي الختام القى الرئيس عون الكلمة الاتية:

“أيها الحضور الكرام،

ربّ قائلٍ إننا نهتم بأمور كثيرة وسط الأزمات التي تحيط بنا بينما المطلوب واحد وهو الالتفات فقط الى معالجتها،

ربّ متسائل عن معنى اهتمامنا اليوم بالمحافظة على الطير، وبالأمس بحملات التحريج بينما لبنان يتخبّط بما يتخبّط به،

نعم، مطلوب منا معالجة أزمات كثيرة، ونحن نعمل عليها، ولكن هذا لا يعني أن نتجاهل شؤوناً أخرى لها أيضاً أهميتها ودورها الحيوي في حياتنا؛

فاحترام قوانين الطبيعة ليس ترفاً، والسعي الى بيئة سليمة ليس من الكماليات، وكلنا نعرف انعكاسات التلوث، وانتشار النفايات والتصحر واثارها السلبية على الصحة العامة.

نظام الطبيعة يقول إن هناك ثلاثة عوالم متكاملة مترابطة ليستقيم التوازن وتستمر الحياة، وهي عالم الإنسان وعالم الحيوان وعالم النبات، وأي خلل في أحدها ينعكس سلباً على الآخرين. وها هي الصحراء خير مثال، لا حياة لنبات فيها، إذاً لا حياة لإنسان ولا لحيوان.

وكلما تجاهلنا هذا التوازن وأهملناه نكون أول المتضررين وتترتّب علينا أثمان غالية لا بد وأن تُدفع يوماً.

وأشير هنا الى الدور الكبير الذي يمكن لمؤسساتنا التربوية أن تقوم به من خلال إدراج البيئة في برنامجها التعليمي، وتعليم الطلاب احترامها وطرق المحافظة عليها.

إن البيئة السليمة حق لكل إنسان، كذلك هي ركن من أركان التنمية البشرية والاقتصادية؛ فللإدارة الصحيحة للموارد الطبيعية وللمكونات البيئية أهمية حيوية في رفع مستوى الصحة العامة عبر الحدّ من الأمراض الناتجة عن التلوث بكل أشكاله، وهي أيضاً تساهم في نمو بعض القطاعات الاقتصادية وأولها السياحة والزراعة خصوصاً على الأمد الطويل، مفسحة المجال لفرص عمل في مجالات جديدة ومستحدثة. لذلك يمكن اعتبارها، وبحق، من دعائم الاقتصاد للدولة.

أيها الحضور الكرام،

نحتفل اليوم بإطلاق طوابع الطيور المهاجرة، تأكيداً منا على إصرارنا على تحويل لبنان الى ممر آمن لهذه الطيور. فلم يعد مقبولاً ولا مسموحاً أن يصنّف لبنان، وهو الذي وقّع في العام 1992على “الاتفاقية الدولية الخاصة بالمحافظة على الطيور المعرّضة للانقراض في العالم” أن يصنّف من المناطق الخطرة التي تفقد فيها هذه الطيور حياتها، فقط لأن بعض اللبنانيين يخلطون بين مفهوم الصيد وبين القتل المجاني، فيتسابقون لإطلاق النار عليها خلال عبورها في سمائنا.

إن اللقلق والهدهد والورور والحجل والدوري والسفري وسن المنجل، طيور محرّم صيدها دولياً، فلنتركها تعبر بسلام لتؤدي الدور الذي رسمته لها الطبيعة.

إن الخلط بين الصيد والقتل المجاني ينسحب أيضاً على موسم الصيد البرّي ويجب أن يتوقف؛ في العام 1952 صدر قانون ينظم الصيد ويحدّد الطرائد المسموح صيدها، ولكن الفوضى وعدم الالتزام بالقانون أدّتا الى قرار منع الصيد في العام 1996. وطبعاً استمرت فوضى قتل الطيور خصوصاً في بعض المناطق البعيدة عن المراقبة، الى أن اتخذت وزارة البيئة في العام 2017 قراراً مشكوراً بتحديد موسم للصيد البري، يمتد قرابة خمسة أشهر في كل عام تبدأ في أيلول وذلك لحماية فترة التكاثر والنمو لدى الطيور، ويحدّد أيضاً الطرائد المسموح صيدها وكذلك الكميات.

هذا الإجراء اتخذ لتنظيم عملية الصيد، ولتحويلها من فوضى وقتل عشوائي للطيور الى رياضة صيد لها إطارها وقوانينها وضوابطها كما في معظم دول العالم.

وتبقى العبرة في التنفيذ، ولأن الإنسان بطبيعته يميل الى الفوضى ويتحاشى الانضباط، فلا بد من مساعدته على الالتزام بالقانون، وهذه مسؤولية مشتركة لا يمكن أن تكون على عاتق وزارة محددة بل تفرض تعاون وزارات عدة وبشكل خاص وزارات البيئة والزراعة والداخلية والعدل، وأيضاً الأجهزة الأمنية، بالإضافة الى المجتمع الأهلي. الجميع مدعوون الى إيلاء هذا الموضوع الأهمية التي يستحقها، والى التعاون والتنسيق في ما بينهم للتوصل الى تطبيق القانون الخاص بالصيد البرّي.

أيها الحضور الكرام، ومن خلالكم أتوجه الى جميع اللبنانيين،

نحن نخسر الاخضرار ونخسر البحر ونخسر الطير، نخسر نقاوة الهواء وصفاء المياه وجمال المنظر… وهذه ليست بالخسائر السهلة أو التي يمكن تعويضها بسهولة، خصوصاً أن أجيالنا القادمة ستحمل وزرها.

لذلك، صارت المصالحة بين الانسان والطبيعة أكثر من ملحّة في لبنان،

فلنتعاون كلنا معاً من أجل إرسائها.

عشتم،

عاشت الطبيعة، بطيرها ونباتها وإنسانها،

عاش لبنان ”

وفي ختام الاحتفال، قدم الوزير شقير ومدير عام البريد السيد محمد يوسف ومدير عام شركة ليبان بوست السيد خليل داود الطوابع للرئيس عون. ثم قدم المدير الاقليمي لجمعية Bird life International ورئيس جمعية حماية الطيور في لبنان درعا لرئيس الجمهورية عربون شكر وتقدير، قبل ان يقدم اليه السيد جمال قضماني، الرسام الذي رسم الطوابع لوحات طوابع الطيور المهاجرة.

شاهد أيضاً

ناسا ترصد حقل غامض على المريخ

هلا كندا – وكالات – تمكنت مركبة كيوريوسيتي التابعة لوكالة ناسا، أثناء بحثها عن علامات …