حفل إطلاق “أكاديمية بشير الجميّل” في جامعة الروح القدس

احتفلت جامعة الروح القدس – الكسليك، بالتعاون مع مؤسسة بشير الجميّل بإطلاق “أكاديمية بشير الجميّل”، خلال احتفال حضره قدس الأب العام نعمة الله الهاشم الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية والرئيس الأعلى للجامعة، نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني، السيدة صولانج الجميّل، النائب نديم الجميّل، السيدة يمنى الجميّل زكّار، النواب: هنري حلو ممثلًا النائب تيمور جنبلاط، إيدي أبي اللمع، أنيس نصار، شامل روكز وشوقي الدكاش، رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة، والرئيس التنفيذي لمؤسسة بشير الجميّل المهندس الفرد ماضي، الوزراء السابقون: إدمون رزق، كريم بقردوني، بطرس حرب، سجعان قزي، وملحم الرياشي، نقيب المحرّرين جوزيف القصيفي، أعضاء في المكتب السياسي الكتائبي، رفاق بشير في مجلس قيادة القوات اللبنانية وفعاليات سياسية وحزبية ودينية وبلدية واجتماعية وإعلامية ومدنية… في مبنى مكتبة الجامعة.

الياس

النشيد الوطني افتتاحًا، ثم كلمة تقديم للأستاذ المحاضر ومنسّق المشروع في مركز فينيكس للدراسات اللبنانية، إيلي الياس الذي شرح عن “البرنامج الأولي للأكاديمية الذي يضم ستة أو سبعة لقاءات مع شخصيات سياسية وفكرية رافقت وقاومت وقررت مع بشير، السادة: أنطوان نجم، الفرد ماضي، جورج فريحة، نعوم فرح، وفادي افرام وغيرهم… في حرم الجامعة”. كما أعلن أن الأكاديمية ستضم 35 طالبًا، وهم مدعوون إلى تسجيل أسمائهم وتعبئة استمارة خاصة عبر زيارة موقع الجامعة الالكتروني، على أن تنطلق الحصة الأولى في 26 آذار الجاري”.

ماضي

ثم كانت كلمة للرئيس التنفيذي لمؤسسة بشير الجميّل ورئيس الأكاديمية الفرد ماضي شكر فيها الجامعة بشخص رئيسها ومركز فينيكس على دعمهم الذي أثمر انطلاقة هذه الأكاديمية في وقت قليل. ثم أعرب عن فخره واعتزازه “لأنني أساهم، من خلال إنشاء هذه الأكاديمية، بردّ جزء صغير من دين بشير على لبنان الوطن والدولة، وعلى القضية وعلى كل واحد منّا. وأشعر بالفخر عندما أرى نديم يحمل شعلة والده وحلم البشير وهو يسلك الطريق نفسه ويتسلح بالأخلاق والحماسة عينها. وأشعر بالفخر عندما أرى أكاديمية بشير الجميل تبصر النور في جامعة الروح القدس، وكلنا نعرف العلاقة بين هذا الصرح الكبير وبشير”.

وأضاف قائلاً: “هناك عدد كبير من الأشخاص، ومن بينهم مقربين من الحزب والعائلة ولاسيما الجيل الجديد، لا يعرفوا الكثير عن بشير. لذا، أنشأنا هذه الأكاديمية انطلاقاً من رغبة الكثيرين ليتعرفوا أكثر على بشير. وهكذا، نكون قد أتحنا للجيل الجديد أن يعيش، من جديد، حلم البشير، وذلك، من خلال سلسلة من المحاضرات التفاعلية كي يعرفوا فكر ونضال بشير. وسيقدّم هذه المحاضرات أصدقاء بشير الذين حلموا معه. وستتمحور المحاضرات حول الأحداث والوقائع التي عايشوها سوياً، وسنكون على استعداد تام للإجابة على تساؤلاتكم وأسئلتكم مهما كانت صعبة، فكما قال بشير “جئت لأقول الحقيقة مهما كانت صعبة”.

وتابع: “إنّ شعار “بشير حي فينا” قد نبع من شعور عميق باطني يرفض موت بطلنا الأسطوري، هو شعور صادر من اللاوعي، هو شعور تحوّل إلى واقع من خلال هذه الأكاديمية”. وختم بالقول: “نم قرير العينين يا شهيد المقاومة، يا شهيد الشهداء، يا شهيد الـ 10452 كم2، لأن بشير البطل الأسطوري لن يموت أبداً”.

الأب حبيقة

وألقى رئيس جامعة الروح القدس- الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة، كلمة وجاء فيها: “في زمن اشتدّت فيه ثقافة إيلام الآخر المختلف واستشرست فيه محركات القتل الغرائزية، واستوطنت مقوّمات اليأس في ساحات لبنان محولة إياه من سويسرا الشرق وجوهرة الشرق إلى بلد مدثر بوشاح الحزن والكآبة يمشي الهوينى في موكب جنازة الحياة. في مثل هذه الأجواء المشحونة عنفاً، اجتمعت قوى البلاء في مهد الحضارات، وموئل الأديان السماوية، وأرض القديسين والأولياء، وأصدرت حكما مبرما بإعدام لبنان، ونزع رسولية كيانه، لأنه مصدر للإزعاج الإيجابي، يقضُّ بتناقضاته المتآلفة مضجعَ جميعِ دول المشرق التاعس، حيث البعضُ يحافظ على حضارة اسبارطة العقيمة في أحاديتها اللُّغوية والدينية والعرقية المجوّفة، والبعض الآخر يمعن تنعُّما مرضيا بسلطة قسرية لا تعرف إلى التناوب السلمي والديمقراطي سبيلا. فدفعت بلبنان إلى بوتقة صهر الغيرية في آحادية مدمرة، وأمعنت في دكّ خصائصه المميّزة التي توافقت عائلاتُ لبنان الروحية على المحافظة عليها وصونها من خدوش الزمن والممارسات اليومية، ليبقى لبنانُ هذه الفسيفِساءَ المشرقيّةَ الإنسانوية، وتلك المساحة الحرة لإنسانية متصالحة أبدا مع ذاتها في منطق اعتبار الآخر جزأ من الذات والطريقَ إليها، ضمن معادلة الأنا والنحن المكوّنتين للمواطَنة المتفاعلة والمتنوّعة. من هذا الرحم، رحم الأوجاع والقلق الوجودي، رحم الانتفاضة على ويلات الزمن ومصائبه، وُلد الرئيس الشهيد بشير الجميل”.

وأردف: “نجتمع اليوم في حرم جامعة الروح القدس الكسليك، جامعة الروح والعقل، في صرح جامعي عريق، صنفته المؤسسة الإنكليزية الشهيرة QS بين الست مئة وواحد وخمسين جامعة رائدة في العالم من أصل ثمانية وعشرين ألف جامعة، نجتمع في جامعة هي ذاكرة الوطن ، كل الوطن، وذاكرة المشرق الذي نحن منه وفيه وله، ورسالتها الأولى أن تكون الحافظة للكلمة المكتوبة، والمسجّلة والمصوّرة، وفي زمن “وثيقة الأخوّة الإنسانية”، وبعد مرور سبعة وثلاثين عاماً على استشهاد الرئيس الشيخ بشير الجميل، وبعد إزالة خطوط التماس الذهنيّة والنفسيّة، وإعادة لحمة التلاقي والسير معا إلى جميع مكوّنات لبنان الأصيلة، لنطلق معا أكاديمية بشير الجميل، أكاديميةً تختزن منظومة أفكارِه وعقائدِه ومكوِّناتِ رسالته الوطنية التي استشهد من أجلها. ما زلت حتى اليوم مطبوعا بتصريحه المرجعي في مناقبيته، في ختام زيارته كرئيس منتخب إلى معهد المعاقين، الشهداء الأحياء، في بيت شباب حيث قال ما معناه أنه ينحني أمام كل شهيد لبناني قدّم حياتَه فداء عن فكرةٍ للبنان. كم هو عظيم هذا الموقف. في نظر الرئيس الشهيد، الجامعُ المشتركُ لجميع شهداء بلد الأرز إنما هو لبنان، على اختلاف عقائدهم ومشاربهم وتطلعاتهم. فهو ينحني أمام دم شهيد لبناني لم يكن يقاسمُه النظرةَ عينَها إلى لبنان. هذا هو الرئيس الاستثنائي الذي يجمع ويؤالف في شخصه الكارزماتي تناقضاتِ بلدِ الرسالة. فكما انحنى الرئيس الشهيد بشير الجميل أمام جميع شهداء الوطن من دون أي تمييز، كذلك على جميع نواب الأمّة وجميع اللبنانيين من دون أي استثناء أن ينحنوا إجلالا أمام دم استشهاد الرئيس الشهيد بشير الجميل”.

وتابع قائلاً: “ما هي مواقف بشير الجميل في زمن مقاومته دفاعاً عن وطنه: سأستشهد ببعض أقواله:

1-بشير الجميل رجل الحوار مع المختلفين؛ وعلى رأسهم الفلسطيني والسوري: ” نحن مع الحوار، نحن مع التفاهم إذا لقينا تجاوباً، ومع المقاومة والصمود إذا أجبرنا على استعمال السلاح. هذا أمرٌ بات معروفاً لدى كلّ الذين حاولوا أن يرمونا في البحر وفشلوا.”

2-بشير الجميل المدافع عن الوطن: “وعدنا لكم، من الآن فصاعداً، الاّ يجرؤَ أحدٌ على التطاول على لبنان، لأنه من الواجب أن تكون عندنا القدرةُ والإمكانات وجميع الوسائل لكي نقنع الآخرين، في الداخل والخارج، بأن حيط لبنان ما عاد واطي”.

3- وفي موقفه من حمل السلاح، يقول: “كان الهدف من حمل السلاح بصورة مستمرّة الدفاع عن النفس والأرض والشعب، كلّ الشعب، في وجه الغريب. ونحن على ثقة اليوم بأن إخواننا في المناطق الأخرى يأملون في مساعدتنا لهم للتخلص من الوسائل القمعية الغريبة التي تمارس عليهم لسلبهم قرارهم الذاتي وحرية تحرّكهم”

5- بشير الجميل في تصوّره شخصية الرئيس: ” […] الرئيس المنقذ هو الرئيس الذي يستطيع الإقدام على كلّ الإجراءات لإنقاذ لبنان. وقد لا يكون إنقاذُ لبنان من مصلحة كل الدول الكبرى”.

6- بشير الجميل ومفهوم الوطن والهوية: “المطلوب إيجاد حلّ للقضية اللبنانية ككلّ، لا تقسيمَ لبنان إلى مناطقَ، تُحلّ مشاكلُ بعضها، والبعض الآخر يبقى بلا حلّ […] فأنا مع حلّ شامل لكلّ القضية اللبنانية” […]لأن اللبنانيين يتوقون إلى شيئين: الأوّل: أن يكون الحلّ للأزمة نتيجة مبادرة لبنانية […]؛ الثاني: أن يكون الحلّ عبر مفاوضات سياسية تشمل الأطراف المعنيّة بعد أن أرهقتهم التجارب العسكرية […]”.

ثم أضاف: “أما موقفه الذي استخلصه، منذ أعلن ترشيحه لرئاسة الجمهورية وحتى استشهاده في 14/9/1982، فيتجلّى في فلسفة خاصة به، نقلته من المقاوِم إلى الرئيس، ومفادها: ” […] رئيس ينقل لبنان من حالة التعايش مع الأزمة ومشاريع الحلول إلى حالة اجتراح الحلول، فالحكم القوي يعني الحاكم القوي بديمقراطيته، بمؤسساته، بقراراته وبقدرته على تنفيذها عبر مؤسساته”. هذا غيض من فيض استعنت به في هذه اللحظة الحاسمة من مخزون مكتبة الجامعة التاريخي كحافظة لذاكرة الوطن، وإن هي تشرّع أبوابها اليوم لاحتضان أكاديمية بشير جميّل، فلا يفوتها أنها تضمّ إلى رحابها “ابن الحرب” وليس “أباها”. فالمكتبة الجامعية تسترجع الضحية المؤمنة بالآخر من خلال التفاهم على المصير المشترك، لا من خلال الاستضعاف والإذلال المتبادلين، تسترجع الروح الخائفة منذ قرون إن هي عادت إلى وضعها ك”جماعة مهمشة ورصيفية”، وقد تكتّلت القوى في الداخل والخارج عليها، تسترجع الرؤية النزيهة والشفافة في الكيان اللبناني، الذي فات قسماً غيرَ يسير من اللبنانيين الإيمانُ به سيداً حرّاً مستقلاً”.

ثم تساءل الأب حبيقة: “أوليست هذه الظاهرة الدفاعية عن الوطن الأم هي نفسها التي قامت عليها الأوطان السيادية في العالم، واستشهد في سبيلها الآلاف من الناس هنا وهناك؟ ألم يصبح شعار “لبنان أولاً” فلسفة وجود لبنان الوطن؟ ألم يكن بشير الجميّل سبّاقاً في رؤيته الإصلاحية والإنقاذية للبنان، عندما صرّح أنه يعمل جاهداً لبناء دولة العام ألفين؟ إن أبرز ما تتضمنه أكاديمية بشير الجميّل من إرث للأجيال القادمة، هو هذا الجانب الإنساني المغيّب للرئيس الراحل. ستفرغ الاكاديمية في المستقبل مساحة للبشير الإنسان، الفاضل، المؤمن، المضحّي من أجل الآخرين، المشارك في السراء والضراء، المتعالي عن أقسى الجروح نزفاً، النظيف الكفّ، المحبّ، الصادق، المخلص، المتواضع، الوفي، المحاور البارع، والمفكّر النيّر، والشريف”.

وخلص إلى القول: “لقد شكّل البشير بشخصه، وخلال الفترة القصيرة من عمر المناضل والمقاوم والزعيم والرئيس، مرحلة مفصلية من تاريخ لبنان، تضع حدّاً بين لبنان القديم ولبنان الحديث، لبنان الماضي ولبنان المستقبل، لتردّ أصالة معنى لبنان، لا إلى تاريخ لبنان المرزنم بالسنين بل إلى لبنان التاريخ الذي يزخِّم حاضرَنا ويتجاوزه. من أكاديميته في جامعة الروح القدس الكسليك، أتصور الرئيسَ الشهيد بشير الجميل يقول لنا: لا تدعوا أنبياء الويل يتسللون إلى مربّع أحلامِكم وانتظاراتكم. لا تدعوا التاريخ ومآسيه وخيباته يقتحم حاضرَكم ويحطّم اندفاعاتِكم نحو مستقبل زاهر. لا تنوحوا على أطلال الماضي، بل قولوا على الدوام اليومُ الأجمل هو الآتي”.

 

النائب الجميّل

وفي ختام الاحتفال ألقى النائب نديم الجميّل كلمة قال فيها: “هذه هي المرّة الثالثة التي تحتضن جامعة الكسليك الرئيس الشهيد بشير الجميّل. المرّة الأولى احتضنته قائد المقاومة اللبنانية والمرّة الثانية اؤتـمنت على أرشيف حياته، والمرّة الثالثة بتأسيس أكاديمية تحمل اسمه. وفي المرّات الثلاث برز هذا الصرح العظيم ملاذ الذاكرة الوطنيّة ومركز تخمير الصمود من أجل لبنان”.

وأضاف: “لقد عرفت هذه الرهبانية اللبنانية المارونية، وبخاصة جامعة الكسليك أن تكون “روح القدس” فعليًا، بمعنى أنها مع محافظتها على رسالتها الروحيّة والدينيّة والكنسيّة استطاعت، رغم كل الصعوبات التي واجهتها، أن تتجلّى بدورها الوطنّي المقاوم في سبيل لبنان. وطبيعي أن تلعب مؤسساتنا الروحيّة دور ناظم القيم لكل حركة وطنية في مجتمعنا. أليست الكنيسة المارونية هي من رعت تأسيس “دولة لبنان الكبير” وحفظت وجودنا قبل انطلاق الحياة السياسية المدنية في بدايات القرن الماضي؟

وأكد: “هناك مسؤولية أساسية لمرجعيّاتنا الروحية ــــ لاسيما لبكركي والرهبانيات ـــــ في حماية مستقبل لبنان بموازاة سعينا نحن لإقامة دولة مدنيّة تستوعب خصوصيّات كل مكوّنات لبنان. لكن الدستور المدني يستلزم شعبًا متحررًا من التعصّب والأصوليات المتنوعة. لا نريد إلغاء الطائفيّة السياسيّة فقط فخًّا لإلغاء المسيحيّة الوطنيّة في هذا البلد.”

وأشار إلى “ان هذه الجامعة هي الأولى التي تتبنّى أكاديميّة بشير الجميل. هنا كان بشير يأتي في الصبحيّات والليالي يتزوّد فكرًا ومعنويات. هنا كان بشير يشكو همومه ومعاناته من السياسيّين وحساباتهم الضيّقة، فيما كان لبنان أمام مصير قاتم. هنا كان بشير يتشارك والرهبان ومؤسّسة الدراسات الخطط الاستراتيجيّة التي أفسحت للبنان مكانًا لائقًا في لعبة الأمم آنذاك، لئّلا تنفّذ على حساب المسيحيّين ولبنان. فانتصرنا لكن بشير استشهد. لم تكن الكسليك جامعة بشير الدراسيّة بل كانت جامعته الوطنية.”

 

ولفت إلى أن “الأكاديمية التي نطلقها اليوم هي مشروع تربوي وطني وإنسانيّ، إي أنه مشروع ثقافي وحضاري. فلبنان أردناه أساسًا كوكب حضارة يشع في هذا الشرق وعليه. ومن هذه النظرة السامية تهدف أكاديميّة بشير إلى أن تكون مركزًا لنشر فكر وطني يستوحي رسالة بشير، فيزيل التشويه الذي اعترى هويّة لبنان وتاريخه ودوره. لقد حان الوقت للأجيال اللبنانية أن تدرس تاريخ لبنان النقيّ، الصحيح، الشجاع، المتمرّد على التسويات والتنازلات، فتتعرّف على نضال هذا الشعب وروّاده وعظمائه وأبطاله منذ ستة ألاف سنة، ومنذ ألف وستمائة سنة، ومنذ مئة سنة، ولتتعرف على عهد الواحد والعشرين يومًا. لقد حان الوقت لا لتنقية الذاكرة فحسب، بل لتنقية التاريخ مما ألصقوا به من تزوير وتشويه. هذا الفكر الوطني بات حاجة وطنية. صحيح أن لبنان لم يتعرّض إلى انقلابات عسكرية على الشرعية، لكنه يتعرّض يوميًّا لانقلابات فكريّة على هويّته وتاريخه ومقاومته اللبنانيّة الأصليّة والأصيلة وعلى رموز صنعوا مجده. بعد اليوم الحقيقة أصبحت ملازمة للقضية اللبنانية. من خلال هذا الفكر الوطني سيرفع شعب لبنان رأسه بتاريخه الحقيقي وهويّته الحقيقيّة وأبطاله الحقيقيّين وشهدائه الذين ماتوا من أجل لبنان”.

وأضاف: “كما تهدف هذه الأكاديمية إلى أن تكون أيضًا مركزًا لتدريس فن القيادة وحسن الحوكمة النزيهة. فالدولة اللبنانية تفتقر منذ عقود إلى قادة بمستوى التحديّات المصيرية وإلى قادة خرجوا من رحم القضية. لقد سيطرت السياسة على القضيّة الوطنيّة وأعطيت الطموحات الشخصية الأولويّة على مصلحة الشعب التاريخيّة. وليس من قبيل الصدف أن نسمع الناس تًردد عفويًّا كل يوم وأمام كل حدث: “وينك يا بشير”. نعم وينك يا بشير. عهدي لكم أن نحمل معًا شعلة النضال الجديد. يكفي تجارب… ويكفي حياء… لقد أعطينا وقتًا أكثر من اللازم، فلم نر أي وزنة تصبح وزنات. إنما رأينا البعض يصبح وزنًا إضافيًّا علينا وحمولة زائدة. ونكاد نسقط. لكنّنا لن نسقط. قرّرنا رفع التحدّي واستنهاض طاقاتنا. يجدر أن تلتزم دولتنا وأحزابنا أصول الحوكمة الصادقة والديمقراطية وتؤمن بتداول السلطة في إدارة الشأن العام. إن مفهوم الحوكمة الذي بنى العالم الحديث في أوروبا وأميركا وآسيا غائب عن لبنان. نرفع شعاراته ونعمل بعكسها. نحكم من دون استراتيجية، ونسير من دون هدف، ونتخذ خيارات من دون بوصلة. إننا مدعوون إلى التغيير في مؤسساتنا السياسيّة والحزبية لتكون على مستوى التاريخ والمستقبل. ومن أجل ذلك، لن أتردّد في اتخاذ أي مبادرة من أجل إحداث هذا التغيير لأن لبنان أولاً والمصير أولاً والشهداء أولاً والشباب والشابات أولًا. هذه الروح المتمردة على الخمول والإحباط والتخاذل والأنانية هي الروح التي ستبثها فينا أكاديميّة بشير كما ضخ هو فينا روح الصمود والمقاومة والانتصار”.

وتابع: “كما تهدف الاكاديمية إلى أن تكون مركزًا توثيقيًا لحياة بشير الجميل الإنسان والزوج والأب والمقاوم والرئيس والشهيد والرمز والأسطورة. مات بشير وهو حي فينا، ذهب وهو باق فينا، يحاولون تجاهله فيزداد حضورًا. يتقصدوا تهميشه فيزيد شعبية. إنه ظاهرة في تاريخ أمّتنا. ومن حق الأجيال اللبنانية أن تتعرف عليه وتطلع على مواقفه وسيرته ووقفات الكرامة والعزة التي وقفها من أجل لبنان الحرّ السيّد المستقلّ الحضاري”.

وختم الجميّل مؤكدًا “إن إنشاء هذه الأكاديمية هي مسؤولية مشتركة بيني وبين الجامعة. وحين نلتقي نحن الإثنان يكون بشير”.

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

بينَ مونتريالَ و بيروتَ

  بقلم الكاتبة حبيبة عبد الستار اديب     عبرتُ من مدينتِي الأنيقةِ  إلى رُبى …