د.شربل الديراني يحذّر من مضاعفات الاستخدام المفرط للهاتف!
في عالم يتسارع فيه إيقاع الحياة وتتزايد فيه الضغوطات الجسدية والنفسية، بات العلاج الفيزيائي حاجة أساسية للحفاظ على التوازن الصحي وجودة الحياة.
ومن بين الأسماء اللامعة في هذا المجال، يبرز الدكتور شربل الديراني، الأخصائي في العلاج الفيزيائي، المعروف بشغفه العميق بمهنته ورغبته الصادقة في مساعدة الناس على استعادة عافيتهم وحيويتهم.
من خلال متابعته الدقيقة لأدقّ تفاصيل تطوّر الجسم، يسعى ديراني إلى تقديم علاج فعّال مبني على أسس علمية حديثة، مع حرص دائم على التوعية والوقاية.
في هذا اللقاء، يشاركنا الدكتور شربل الديراني رؤيته حول أحد أبرز المواضيع الشائعة اليوم: متلازمة الرقبة النصية، ويقدّم نصائح عملية وقيّمة لكل من يرغب في حماية جسده من مضاعفات الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية في هذه المقابلة:
– ما الذي دفعك لاختيار مجال العلاج الفيزيائي؟
اخترتُ هذا المجال لأنني أؤمن بقدرته على تغيير حياة الناس نحو الأفضل. منذ البداية، لم يكن مجرّد مهنة بالنسبة لي، بل شغف حقيقي. أحب أن أساعد الآخرين، وأن أكون سببًا في تخفيف آلامهم واستعادتهم لعافيتهم. هذه المهنة تجمع بين الإنسانية والعلم، وهذا ما يجعلها قريبة جدًّا إلى قلبي.
– في الفترة الأخيرة، كثر الحديث عن متلازمة “الرقبة النصية” أو “Text Neck Syndrome”، فهل يمكنك أن تشرح لنا ما هي تحديداً؟
هو مصطلح شائع يُستخدم للدلالة على الآلام التي تصيب الرقبة نتيجة الاستعمال المفرط والمتكرر للهواتف والأجهزة الإلكترونية. تؤدي هذه الوضعية إلى ضغط كبير على عضلات، مفاصل الرقبة والاربطة المحيطة بها، التي تعمل بجهد إضافي لتحمّل وزن الرأس، ما يؤدي مع الوقت إلى تعب وألم قد يمتدّ أحياناً إلى ما هو أبعد من الرقبة.
– ما أبرز الأعراض التي تظهر على من يعاني من هذه المتلازمة؟
ألم وتيبّس في الرقبة والكتفين، صداع متكرر، ألم عصبي أو وخز أو تنميل في الأطراف العلوية، إرهاق في العين، وانخفاض في مدى حركة الرقبة.
– ما خطورة الحالة إذا لم يتم التعامل معها باكرًا؟
بالتأكيد. كما هو الحال مع أي ألم آخر، فإن الإهمال أو التأخر في المعالجة قد يؤدي إلى تفاقم الحالة. فقد تبدأ بألم بسيط في الرقبة وتصل إلى تنميل أو تخدير في اليدين، بل وحتى انزلاق غضروفي (ديسك) في بعض الحالات.
– هل هي حالة منتشرة بين فئات عمرية معيّنة أكثر من غيرها؟
نعم، الفئة الأكثر تضرّراً هي تلك التي تستخدم الهواتف والأجهزة الإلكترونية بشكل مفرط، أي فئة المراهقين والشباب الذين يمضون ساعات طويلة على الهواتف.
– على ماذا يتركّز العلاج الذي تعتمده في حال كان المريض يعاني من Text Neck Syndrome؟
يرتكز العلاج على جوانب عدّة، أهمّها تصحيح وضعية الرقبة والعمل على تقويتها لتتمكّن من دعم الرأس بشكل صحيح. كما نعتمد على تمارين لتخفيف الألم وتحسين الحركة، إلى جانب تمارين اطالة العضلات المتشنّجة أو التي تكون في وضعية خاطئة.
– هل يمكن الشفاء تماماً من هذه المتلازمة؟ وكم من الوقت قد يستغرق ذلك؟
نعم، يمكن الشفاء التام في حال الالتزام بالعلاج. وتختلف المدة بحسب شدة الحالة، فقد تتطلب بضعة أسابيع أو تمتد إلى أشهر. ولكن في حال إهمال العلاج، قد تتحول الحالة إلى مزمنة ويستغرق علاجها وقتاً أطول. لذلك، من المهم البدء بالعلاج فور ظهور الأعراض.
– برأيك، كيف يؤثّر الاستعمال اليومي المفرط للهاتف على وضعية الجسم والعمود الفقري؟
الاستخدام المفرط للهاتف يضع ضغطًا كبيرًا على الرقبة ويؤدي إلى إجهاد دائم. فبينما يزن رأس الإنسان ما بين 4 و5 كيلوغرامات، يزداد الضغط على الرقبة عند الانحناء ليصل إلى 17 أو 18 كيلوغراماً، مما يسبب مشاكل في وضعية الرقبة والعمود الفقري مع الوقت.
– ما المدة القصوى التي تنصح بها الأطفال أو الكبار لاستعمال الهاتف دون أضرار جسدية؟
كلّما كانت المدة أقصر كلّما كان أفضل. بالنسبة للأطفال والمراهقين، يُنصح بعدم تجاوز الساعتين يوميًا كحدّ أقصى لتفادي المضاعفات الجسدية.
– ما هي الخطوات اليومية البسيطة التي يمكن لأي شخص اتباعها لحماية رقبته؟
الاهتمام بوضعية الرقبة أساسي. يُنصح برفع الجهاز إلى مستوى العين لتفادي الانحناء، وأخذ استراحة كل 15 دقيقة من استخدام الجهاز. كما يُفضل العمل على تقوية عضلات الرقبة والمحيطة بها، بالإضافة إلى اطالة العضلات لتفادي التشنجات.
– ختاماً، هل لديك مشروع أو فكرة تطمح لتحقيقها في هذا المجال مستقبلاً؟
نعم، أطمح إلى أن أتابع التطوّر في هذا المجال وأن أفتتح عيادتي الخاصة وأساهم في نشر الوعي حول أهمية الوقاية من مشاكل الوضعية والصحة العضلية.