اختار كورال الفيحاء بقيادة المايسترو بركيف تسلاكيان والفنانة أميمة الخليل، “متحف بيت بيروت” بما فيه من رمزية تاريخية وتراثية وثقافية، لإطلاق ألبومهم الجديد “صوت”، الذي يختزن في طياته تحفة فنية نادرة، هو ثمرة تمازج وتلاقح تجارب وخبرات فنية وغنائية ولحنية وتراثية، استقت من تاريخ الغناء العربي والمشرقي ترددات اصدائها، لتنسكب في أداء هارموني جديد، طبع الفنان مارسيل خليفه ألحانه الإبداعية على كلمات شعرية متعددة المشارب والألوان، ووزعها للكورال الدكتور إدوار طوريكيان، قبل أن تصدح به حناجر الفنانة أميمة الخليل وفرقة كورال الفيحاء بغنائها المميز على طريقة (آكابيلا) في تجربة يتناغم فيها الصوت المنفرد مع غناء المجموعة الرباعي الأصوات، ليصبح “صوت” تحفة تاريخية لا بل أيقونة غنائية، ستطبع العقود الفنية القادمة بنوع جديد من الغناء العربي الراقي، كما يرى مايسترو كورال الفيحاء بركيف تسلاكيان.
البوم “صوت”، يضم إحدى عشر أغنية جديدة من ألحان مارسيل خليفة وتوزيع إدوار طوريكيان والنصوص لمجموعة من الشعراء هم: نزار قباني، محمود درويش، طلال حيدر، منصور الرحباني، جوزف حرب، مروان مخول، زاهي وهبه، الياس لحود، عبيدو باشا، بطرس روحانا، وفي العمل أيضا نص من نشيد الأناشيد من العهد القديم.
طريقة الغناء المعتمدة في البوم “صوت” تطلبت التسجيل “الحي” و”المباشر” لكل أغنية على حدى بما في ذلك من ضرورة الإعادة عند كل خطأ، وهذه الأسلوب في التسجيل جرى بإشراف من مهندس الصوت العالمي ديكران ايشخانوف الذي قدم خصيصاً من أرمينيا الى لبنان لإنجاز الألبوم، فيما قام بأعمال الماستيرينغ خليل شاهين في المانيا.
فكرة العمل كانت قائمة منذ عام 2011، كما تقول مديرة الفرقة رولى أبي بكر “للأنباء”، “لكنها دخلت حيّز التنفيذ منذ سنتين، حيث شهدت الفرقة تدريبات شبه يومية في فروع كورال الفيحاء الثلاث (بيروت وطرابلس والقاهرة)”.
عن طريقة التسجيل تقول ابي بكر: “أن التسجيل الحي والمباشر لا ينقل فقط الأصوات، بل هي ينقل للمستمع الإحساس والأداء، فيشعر المستمع أنه في حفل مباشر أمام الكورال، وهذا النوع من التسجيل صعب ويستغرق وقتاً إضافياً، لضرورة الإعادة، إلا أنه يعتمد المقاييس والمعايير العالمية”
لا تستبعد ابي بكر أن يطرح ألبوم “صوت” على جوائز ومسابقات عالمية، وتقول بأنه “بعد توقيعه في بيروت يوم الجمعة في 11 كانون الثاني 2019، بما تحمل بيروت من مكانة لبنانية وعربية، سيكون ألبوم “صوت” أيضا في تموز 2019 أمام محطة إطلاق عالمية من باريس ضمن فعاليات المعرض الدولي للموسيقى التي ينظمها المجلس العالمي للموسيقى”.
تطبع “صوت” ميزات عديدة، فالعمل قائم بمجمله على تقنية الموسيقى الشرقية التي تؤديها الأصوات البشرية من خلال استخدام الهارموني في المقامات العربية، بدلا من الآلات الموسيقية التي تتشكل منها الأوركسترا. وفي هذا السياق يقول المايسترو بركيف تسلاكيان “للأنباء”، “نحن في كورال الفيحاء نجحنا في اختبار هذه التجربة من الغناء، ومن خلال تعاوننا مع الفنانة أميمة الخليل، اختبرنا اول تجربة للغناء الفردي مع غناء المجموعة على طريقة (أكابيلا) وأصدرنا ألبوم كامل بتوزيع من الدكتور إدوار طوريكيان، ولذا يشكل هذا العمل استناداً الى هذه التقنيات عملاً فنياً عربياً رائداً وفريداً وأنا أسميه عملاً تاريخياً، لأنه الأول الذي تستخدم فيه المقامات العربية بطريقة (بوليفونية)”.
ويضيف تسلاكيان قائلاً: من مميزات ألبوم “صوت” أيضاً، “أنه أول تجربة موسيقية بيننا وبين الفنان مارسيل خليفة، الذي كتب أروع الألحان في تاريخ الموسيقى العربية، وهذا الألبوم هو أول إنتاج لألحان مارسيل خليفة لا يتولى مارسيل تنفيذها بنفسه، وهذا دليل ثقة كبيرة بتجربة كورال الفيحاء بأن سمح لنا انتاج هذا العمل على طريقتنا، وإضافة المقامات الهارمونية وطريقة الأداء الخاصة بنا والتي تنسجم أيضا مع تجربة الفنانة أميمة الخليل في الكثير من محطاتها الفنية الرائدة”.
ألبوم “صوت” الذي اختار “كورال الفيحاء” إطلاقه في الذكرى الـ 16 لانطلاقه من عاصمة الشمال طرابلس، في 11 كانون الثاني 2003، بات اليوم اربع فروع، فبعد افتتاح فرعه الثاني في بيروت في 11 كانون الثاني 2016، وفرعه الثالث في القاهرة في تموز 2017، وفرعه الرابع في بعقلين الشوف في تشرين الثاني 2018، وقع منذ أيام اتفاق تعاون مع فرقة “نغم” للغناء في الدار البيضاء ومراكش في المغرب العربي، حيث سيتولى فريق من الفيحاء تدريب هذه الفرقة على طريقة غناء (أكابيلا)، بعد ان أتاح لهم استخدام أرشيف الفيحاء وأغانيها الموزعة دون مرافقة الآلات الموسيقية.
الهدف من ذلك كما يقول تسلاكيان،” نحن نسعى لإيجاد فرق تنافسية، نتعاون معها ونتبادل الخبرات والتجارب فيما بيننا، ونرفع سويا مستوى الأداء والغناء العربي، فهذا النوع من الغناء هو جزء من تراثنا الغنائي الشرقي وهو يرتكز على التعاون والعمل الجماعي، والغناء الجماعي يهذب الروح الجماعية والفردية، وهذا يعزز روح التعاون والتسامح”.
مما لا شك فيه أن تجربة “صوت” تعتبر خطوة نوعية في مسيرة كورال الفيحاء، كما أنه ينقل (الاكابيلا) الشرقية العربية الى مكان جديد، ويمكن اعتباره ثورة في مجال التوزيع والأداء الغنائي باللغة والموسيقى العربية.