بقلم الكاتبة حبيبة عبد الستار اديب
عبرتُ من مدينتِي الأنيقةِ
إلى رُبى بيروتَ
وما انتهى النهار
كأنّما النهارُ فكرةٌ
واللّيلُ سرُّ نجمةٍ
كأنّما الأنهارُ بِحار
والجبالُ أكوامٌ من الحِجار
وأنتِ يا بيروتُ
كأنّك النوارسُ البعيدة
كأنّ ما بينَنا من المدى قِفار
تلفُّكِ الشوارعُ الغريقة
يا مدينةً تموجُ بالمَحار
كأنّني أضُمُّ في جوانحِي
لؤلؤةً فريدة
تُغارُ من ضيائِها
سرائرُ البِحار
يا مدينةً يسكنُها الغُبار
لصوصُها الظنونُ
مساؤُها الحروفُ والكلماتُ
و فجرُها اندحَار
صغيرتِي…
ترامتْ الديارُ بينَنا
بلا قرار
فأنتِ في المَجاهلِ السحيقةِ
وغدِي لا مدَى لهُ
تضلُّلُني الدُّروبُ
تُحرقُني الشموسُ
أستغيثُ…
آهٍ…
يا رفيقةً، يا أجملَ النساءِ، يا رقيقةً
عشراتِ الأعوامِ
أمُدُّها إليكِ
يا مرأةً
تعيشُ في جنانٍ
وما انتهَى الارتحال…
أطفالُكِ اعتادُوا على طعمِ الأسفار
رحيلٌ في شرانقِ الفراشاتِ
رحيلٌ في سُفنِ العابرينَ
إلى ضفافِ الحرّيةِ
ولا ظلالَ تؤجّلُ هذا القرار
انفصالٌ عن مدينةِ الرمادِ
عن مدينةِ الجمالِ ورؤى الخيال
عبرتُ من مدينتِي البعيدةِ
إلى رُبى بيروتَ
وما انتهى النهار
وأنتِ يا حبيبتِي
مدينةٌ تائهةٌ
مسحورةٌ أبوابُها
وخلفَها ما زِلتُ أعدُو بانبهار
حبيبة أديب- كندا
من كتاب عُصفور الشَّوق
الصورة الرئسية بعدسة رامي رزق