هل يكذب طفلي أم أن خياله واسع؟ سؤال يتردد على ألسنة بعض الأمهات؛ بعدما تسمع أطفالها يحكون قصصاً وروايات صعبة التصديق، وتشاهد طفلها يخاطب حصانه اللعبة، وطفلتها الصغيرة تتحدث مع دميتها.. ويزيد خوفها عندما يعلو صوتهما ويظهر حماسهما وانفعالاتهما، فما هي أسباب خيال الطفل وما هي أهميته؟وهل أنا محقة، ودوري تنمية هذا الخيال!
هنا يجيب العلم: بأن مخيلة الطفل هي الأداة التي تتيح له تجاوز ظروف الواقع وحدود الزمان والمكان، وتطلق للطفل العنان للتعبير عن حاجاته ورغباته وتصور تحقيقها وحدوثها. للتعرف إلى المزيد من دوافع الخيال لدى الطفل وقدر استفادته منه ومتى يصبح خطراً عليه، تحدث الدكتور أحمد مسعود أستاذ طب علم نفس الطفل بمركز البحوث.
ما هو الخيال؟
- الخيال هو استجابة عقلية منظمة يدركها الطفل للتعرف إلى معالم البيئة من حوله، كقدرة ذهنية تتفاوت من طفل لآخر.
- الخيال يظهر عند الأطفال بدرجات متفاوتة باستخدام الألعاب والمشاهد التلفزيونية، فيقوم باللعب والتحدث مع دميته أو سيارته وهذا أمر طبيعي.
- يعتبر الخيال مرضياً ويستوجب العلاج النفسي من خلال الطبيب، في حالة واحدة فقط.. وهو إذا كان ذلك الخيال مؤذياً ويؤدي إلى أفعال مدمرة، أو أن يرجع الطفل أفعاله إلى شخص يأمره بذلك.
- بالخيال يسافر الطفل إلى أماكن بعيدة في الماضي، أو يفترض أحداثاً سوف يحققها في المستقبل؛ فخيال الطفل والتخيل، يعد من أدوات التجريب والاختبار والتفكير والتحليل والتركيب والتعلم.
أسباب ودوافع الخيال عند الطفل
يلجأ الطفل للخيال والأحلام:
لتعويض النقص ومواقف الإحباط المتنوعة التي يتعرض لها الطفل، وبسبب قصور إمكانياته عن إشباع حاجاته وتلبية رغباته وطموحاته ،و تطوير قدرات وإمكانات عديدة يتيحها الخيال للأطفال، بجانب تعلم كل ما هو جديد بطريقة بسيطة وممتعة، من هنا نجد الطفل يلجأ للخيال مرة والوهم أو الكذب على نفسه مرات.
الهروب من مواقف الإحباط والفشل في الحياة، والتي لا تحصى خاصة مع هؤلاء الأطفال الذين لا حدود لطلباتهم، فيستخدمون الخيال كحل بديل يلجأون إليه، كلما وقف حائل أمام تحقيق ما يريدون، وأمام كل مواقف الإحباط والفشل ، ولتجاوز الصعوبات وقلة الإمكانات، فالطفل يريد الحصول على كل شيء، ويرى كل تفاصيل الحياة بالطريقة التي تناسب أفكاره وحاجاته، ونظراً لصعوبة تحقيق هذا الأمر وظروف الواقع، يعد الخيال بالنسبة للطفل طريقة مثالية لتجاوز صعوبات الحياة.
تفريغ الشحنات العاطفية والانفعالية، والتخفيف من أعراض القلق والتوتر، وبالخيال يفترضون الحلول وتجربتها بشكل مطرد.
الفضول وحب الاستطلاع، وتجريب العديد من المواقف والأشياء التي لا يتمكن الأطفال من تجريبها في الواقع؛ لصغر سنهم أو ضعف إمكاناتهم.. تكون سبباً في كثير من الحالات وراء الأشياء التي يتخيلها الأطفال..عجز الواقع عن تلبية الرغبات والطموحات، والتي كثيراً ما تمثل حائلاً أمام تحقيق أهدافنا ورغباتنا نحن أو أطفالنا، وهنا يأتي دور الخيال.
متى يتكون الخيال؟
عادة ما يتكون الخيال لدى الأطفال أو يبدأ إظهار مهاراتهم باللعب التخيُلي ما بين عمر (12) و (18) شهراً ، وتتطور تلك المهارات مع مرور الوقت حتى تصل ذروتها في عمر من (3) إلى (5) سنوات.
وفي حدود عمر (3) سنوات، يتمكن جميع الأطفال من التمييز ما بين أحداث الحياة الحقيقية والتظاهر من خلال اللعب التخيُلي.
الفرق بين الكذب والخيال عند الأطفال:
الطفل حتى سن 7 سنوات لا يفرق بين الخيال والواقع، وخصوصاً وهم يشاهدون أفلام الكارتون؛ إذ يتخيل الطفل نفسه وهو جزء من الكارتون.
وعن طريقة تعامل الوالدين مع الطفل الذي يستخدم خياله، يجب عدم السخرية وإظهار أي استياء من كلامه؛ حتى لا تتضرر نفسية الطفل.
من المهم أن يقوم الآباء بتعليم أولادهم الصدق، وإبعادهم عن الكذب وذلك من خلال قول: أنت خيالك واسع وذكي جداً، ليتك تكتب هذه القصص في ورقة أو ترسمها ، وفي وقت ثانٍ عندما ينطق بالصدق أخبريه بأنه إنسان صادق وأنك تحبين هذه الصفة، ومن الممكن تجاهل ما يقوله طفلك من كذب أحياناً؛ حتى يشعر أن هذه الطريقة لا تلفت نظرك. وهناك أهمية ألا يتبع الأهل أسلوب الكذب على الطفل بأي شكل من الأشكال، حتى لا يستهين بقيمة الصدق.
كيف أُنمي خيال طفلي؟
شجعي طفلك على الخيال؛ فهو لون من ألوان الذكاء، ويعني القدرة على إنتاج عدد من الأفكار والأنشطة غير العادية وتطويرها.
أخبريه بأن كل مخترع يتخيل ابتكاره حتى يرسم صورة الشكل النهائي له، والمهندس يحتاج لتخيل مبناه قبل أن يرسمه، وكذلك طبيب الأسنان.. ما يحفزه على التفكير والاختراع ، يبدأ هذا النوع من الذكاء التخيلي منذ نعومة أظافر الطفل؛ حيث يمتلك قدرة عالية من التخيل والابتكار- 20 موقفاً تخيلياً كل 150 دقيقة- ثم يبدأ في انخفاض معدله بعد ذلك لأسباب عديدة ، و على كل أم ألا تستنكر حب الاستطلاع والفضول لدى طفلها؛ فهو البوابة الرئيسية للتخيل والابتكار، وسؤاله المتكرر الملح.. ما هذا؟ هو بداية دخوله عالم الابتكار .
الاكتشاف.. ماذا تفعل هذه؟ ولماذا تفعل ذلك؟ سؤالان بمثابة الكاميرا التي تلتقط كل ما يدور حولها، ويبدأ الطفل في طرحهما مستخدماً كل حواسه في الاكتشاف وجمع المعلومات.
اللعب.. ينمي القدرة التخيلية عند الطفل؛ حيث ينغمس وتستغرقه اللعبة، وبالتالي تظهر تلقائيته وأفكاره الجديدة، لذلك احرصي على تقديم هدايا من اللعب الذكية والتي تحتاج إلى إعمال الفكر وتشغيله ،بعد ذلك عليك انتظار فترة الابتكار وإبداع الفكرة لدى طفلك، وامتلاك الذكاء التخيلي؛ وهي المرحلة التي يصل الطفل إليها بعد مروره بالمراحل السابقة؛ حيث يخرج من المألوف ويحطم أسوار التقليدية.
المصدر : سيدتي