كلودين عون روكز: ” إن هدف التمكين الاقتصادي للمرأة، من شأنه، لو تحقّق، أن يكون مفتاحاً للنهوض بمجتمعاتنا إلى مستويات تنموية رفيعة ”
يشارك لبنان، من خلال وفدٍ رسمي برئاسة السيدة كلودين عون روكز، رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، في فعاليات المؤتمر السابع لمنظمة المرأة العربية، والذي ينعقد برئاسة سلطنة عمان، ممثلة بمعالي الشيخة عائشة بنت خلفان السيابية، رئيسة الهيئة العامة للصناعات الحرفية ورئيسة المجلس الأعلى للمنظمة في دورتها الحالية، ويحمل عنوان “التمكين الاقتصادي للمرأة وتعزيز قيم السلام والعدالة والمواطنة” و ذلك يومي 18 و19 ديسمبر 2018.
وألقت السيدة عون روكز كلمة افتتاحية قالت فيها:” إن هدف التمكين الاقتصادي للمرأة، الذي نصبو إلى تحقيقه، من شأنه أن يكون مفتاحاً، لو تحقق، للنهوض بمجتمعاتنا إلى مستوياتٍ تنموية رفيعة. لقد دلت التجارب العالمية، على أنَّ التمكين الاقتصادي للمرأة، والنمو الذي يتيحه، يرسّخان في المجتمع قيَم العدالة، وبالتالي قيم المواطنة، ويعزّزان فرص السلام.”
وأضافت:” إن الدول العربية بمجملها، حقّقت خلال السنوات الثلاثين المنصرمة، قفزة نوعية في مستويات التعليم، وبات عدد الشابات العربيّات يزيد في الجامعات عن عدد الشباب، كما بتْن تتفوّقن في نيل الشهادات الأكاديمية الرفيعة، ومع ذلك ولغاية اليوم، لا تزيد النسبة المئوية لمساهمة النساء في الناتجِ القومي في بلْداننا العربية مجتمعةً، عن 18 بالمئة، فيما تَصل هذه النسبة إلى معدّل 37 بالمئة على الصعيد العالمي حسب أرقام البنك الدولي. وفي لبنان، فقط 25 بالمئة من النساء ينشطْن إقتصادياً، ونسبة البطالة لدى الإناث هي ضعف ما هي عليه لدى الذكور.
هذا لا يعني أنَّ النساء في بلادنا هنّ عالة على المجتمع. بل العكس هو الصحيح، فهنّ اللواتي يؤمّن رعاية الأسرة وتربية الأولاد، وهنّ يضحّين بتنمية قدراتهنَّ العلمية والمهنية في هذا السبيل. لكنَّ الواقع، هو أن دور الرعاية الأُسريّة للمرأة- الأم، ينتهي عندما يكبر الأولاد.”
وتابعت:” لذا علينا التباحث في سبل تأهيل ربّات المنازل على المشاركة في المجالِ الإقتصادي، أو في مجال العمل الاجتماعي التطوعي، عندما ينتهي دورهنَّ في رعاية الأُسرة. ونرى أنّه علينا التباحث في ضرورة حثّ الدول والمنظمات العالمية، على احْتساب الخدمات التي تؤمّنها ربّات المنازل ضمن الناتجِ القومي. على صعيدٍ آخر، علينا أن نتناول في إطار تباحثنا في موضوعِ تمكين المرأة، مسألة الإقتصاد الهامشي وهو قطاع تنشط فيه النساء بشكلٍ رئيسي بغية تحديد الجوانب السلبية كما الإيجابية لهذه الظاهرة. فليس لنا أن ننكر أن هذا القطاع الذي لا يدخل في أُطر الاقتصاد الوطني، يساهم مع ذلك في مكافحة الفقر.”
وأكدت أنه عندما نتكلم عن ضرورة التّمكين الاقتصادي للنساء، نعني بهذه العبارة جعل النساء قادرات على القيام بالنشاطات التي تعود لهنَّ بالربحِ المالي، والقدرة هذه تستوجب أولاً الشعور بالاعتزاز والثقة بالنفس. إلى جانب القدرات العلميّة والتقنيّة والمالية الضروريّة للنجاح في المجالاتِ الاقتصادية المختلفة. ولا يمكن أن تتحقق هذه الخطوة، عندما تفتقر المرأة إلى منظومة تشريعية وقضائية تحميها من الممارسات الخاطئة الموروثة من عصور الجهل والفقر. لذا فقد حرصت الهيئة الوطنية لشؤون المرأةِ اللبنانية، على تضمين الاستراتيجيةِ الوطنية للمرأة في لبنان، هدفاً أساسياً هو العمل على تعديل القوانين المجحفة بحقّ النساء واستحداث أخرى من شأنها أن تحمي النساء وأن تضمن المساواة الكاملة بين المرأة والرجل في الحقوق كما في الواجبات”
وختمت:” إن المواضيع التي نحن في صددها اليوم، سبق أن تناولتها وثيقة أهدافِ التنمية المستدامة التي اعتمدت عالمياً وتبنَّتها بدورها دولتنا. فنهوض مجتمعاتنا العربية، لن يكتمل إلا إذا شاركت به النساء العربيات، والسبيل إليه يكْمن في تعاون بلداننا مع بعضها البعض، للتوصل إلى تحديد السبل الفعّالة لتحقيق هذا الهدف. فلنسعى إليه جميعاً. أخيراً، أتوجّه بالشكر والتقدير إلى دولةِ سلطنة عمان لاستضافتها هذا المؤتمر، كما أَشكر منظمة المرأة العربية لسعيها الدائم للعملِ على صيانة حقوق ومصالحِ النساء في أوطانِنا العربية.”
كما ألقت الدكتورة فاديا كيوان، المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية وعضو المكتب التنفيذي في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة،، كلمة قالت فيها:” إن العمل الاقتصادي هو المدخل الصحيح لتحوّل المرأة إلى مواطنة ناشطة، وتوجيه الجهود نحو تطوير قدراتها ومهاراتها وطاقاتها في هذا المجال، يحمل خيراً أكيداً لها ولأسرتها ولمجتمعها. بيد أنه لا يخفى علينا جميعاً أن التحديات كبيرة أمام النساء في العالم العربي، وهي ليست اقتصادية فقط، بل هي متنوعة في أهميتها من دولة عربية إلى أخرى. فنرى أنه في الظروف الصعبة التي تمرّ بها عدة دول عربية تقفز مسألة توفير الحماية للمرأة والفتاة وكل أشكال العنف، تقفز إلى الواجهة أيضاً.”
وختمت:”فليكن عنواننا في هذه المرحلة، تعزيز حضور المرأة في الحياة الإقتصادية وتعزيز دورها كمواطنة ناقلة قيم العدالة والسلام، ولنعمل معاً على المستوى العربي في هذه المجالات ولنتضامن لتحقيق الاستقرار والعدالة في مجتمعاتنا. وبالطبع فإن العمل معاً كدول عربية يزيد من قدرات كل منا والتضامن بيننا يعزز حضورنا وفعاليتنا في العالم كمجموعة عربية متكاتفة.”
وشاركت في المؤتمر السيدة عبير شبارو ابراهيم، نائب رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، المحامية كوليت الحايك مسعد، عضو المكتب التنفيذي وأمينة سر الهيئة، المحامية غادة حمدان، عضو المكتب التنفيذي في الهيئة، ووفود رسمية من الدول العربية برئاسة السيدات الأول لتلك الدول أو من ينوب عنهن، وكذلك خبراء دوليون وعرب في الموضوع وممثلون لمنظمات دولية وإقليمية ذات صلة وكذلك منظمات غير حكومية عربية.
ويأتي المؤتمر السابع لمنظمة المرأة العربية ليؤكد على أهمية استثمار قدرات ومهارات المرأة في عملية التنمية الشاملة لما تمثله مساهمتها من دور كبير في بناء أي مجتمع معاصر على قيم السلام والعدالة والمواطنة.
فلقد أصبحت مشاركة المرأة مؤشرا للرقي الاجتماعي ومقياسا للتنمية البشرية فلا سبيل إلى إقامة مجتمع تسوده قيم المساواة والعدل الاجتماعي إلا باعتماد سياسات جريئة تدعم تمكين المرأة اجتماعيا واقتصاديا في المجتمع، بما يضمن توسيع مشاركتها في مسيرة التنمية المستدامة.
ويهدف المؤتمر إلى بناء الجسور لتمكين المرأة العربية اقتصاديا واجتماعيا وإرساء قيم العدالة الاجتماعية وتدعيم دورها في تحقيق السلام والمواطنة في المجتمع.
ويهدف المؤتمر إلى لفت انتباه صانعي القرار والمعنيين في المنطقة العربية إلى العلاقة الوطيدة بين التمكين الاقتصادي للمرأة وبين رفاه الدولة واستقرارها، وإلى رصد الممارسات البحثية حول قضية التمكين الاقتصادي للمرأة وتعزيز قيم المواطنة، كذلك الكشف عن العلاقة بين التمكين الاجتماعي والاقتصادي والعدالة وبين تعزيز قيم السلام والمواطنة.
ذلك إضافة إلى رصد التجارب، وتبادل الخبرات المحلية والعربية والعالمية في تمكين المرأة، إدماج قضايا تمكين المرأة ضمن أولويات سياسات وخطط وبرامج التنمية الشاملة بالمجتمع العربي، تعزيز قدرات المرأة للوصول إلى الموارد والفرص الاقتصادية القائمة من خلال حث الخطاب الاعلامي على نشر ثقافة أهمية تمكين المرأة، إبراز دور التقنيات الحديثة في تمكين المرأة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام الجديد، واستشراف معالم التحديات المعاصرة التي تمر بها المرأة العربية.
وتتوز جلسات العمل على أربع جلسات يناقش خلالها الباحثون والمختصون أربعة محاور وهي : التمكين الاقتصادي والاجتماعي وموقف المرأة العربية منه، تحديات التمكين الاقتصادي للمرأة العربية، المواطنة الصالحة والرشيدة ودورها في تحقيق تمكين المرأة، التمكين والعدالة الاجتماعية ودورهما في تعزيز قيم السلام والمواطنة.
وتطلق منظمة المرأة العربية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP دراسة استرشادية بعنوان “المرأة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية” وذلك ضمن فعاليات اليوم الأول للمؤتمر. وتعتبر هذه الدراسة ترجمة لجزء من طموحات الجهتين في إدماج المرأة في مجتمعاتها من حيث احتياجاتها، وأدوارها، بمختلف فئاتها العمرية والاجتماعية والاقتصادية؛ في التطبيق الوطني للأجندة العالمية للتنمية المستدامة.
وتسعى الدراسة لأن تكون وثيقة استرشادية للحكومات العربية، وصناع القرار، وسائر الشركاء المعنيين (المتمثلين في الآليات الوطنية المعنية بالمرأة، والباحثين، ومنظمات المجتمع المدني، والمنظمات الإقليمية والدولية، والهيئات المانحة) حول تضمين المساواة بين الجنسين في كافة السياسات المحلية المتبعة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
وتهدف الدراسة إلى تعريف المعنيين لاسيما مصممي السياسات وصانعي القرار؛ بالأجندة الدولية للتنمية المستدامة (2015-2030) بوجه عام، وتركز بشكل أساسي على إبراز موقع قضية المساواة بين الجنسين وأهمية تمكين المرأة فيما يخص الأهداف التنموية السبعة عشر، وإلقاء الضوء على وضع المرأة داخل كل من واقع وسياسات التنمية في المنطقة العربية، والوقوف على الفجوات التي تعتري المساواة بين الجنسين في المنطقة، والمساهمة في تقليص هذه الفجوات؛ من خلال عرض تجارب عربية ودولية ناجحة يمكن الاسترشاد بها، وتقديم توصيات مباشرة حول الإدماج الشامل للمرأة في التنمية المستدامة.