مع قُرب انطلاق دورة الألعاب الأولمبية، نفرد هذا العدد من ڤوغ العربية لعالم الرياضة، ومدى فهمنا لأجسامنا، والارتباط الوثيق بين ألعاب القوى والموضة على مر القرون. وإذا ما ألقينا نظرة على التاريخ، نجد أن الأجسام المتحركة كانت دائمًا تدفع المصممين إلى إيجاد حلول لتيسير أدائها [لمهامها] بأناقة – بدءًا من رسم تصاميم جديدة غيّرت جماليات عصر محدد وحتى تطوير أقمشة جديدة بمساعدة العِلْم. وعادةً ما اقترنت جميع هذه التغييرات باضطرابات اجتماعية شديدة، لأن علاقتنا بأجسامنا –وما يجب إظهاره، وما يجب إخفاؤه– كانت متقلِّبة للغاية منذ أمد بعيد، حتى لو كانت الرياضة تبرر قواعد معيّنة للأزياء يمكن اعتبارها جريئة. وعلى سبيل المثال، أتذكرُ عندما أخبرتنا السبّاحة المصرية فريدة عثمان، التي تأهلت ثلاث مرات للأولمبياد، في حوار سابق عن ردود الأفعال الغاضبة التي واجهتها حين ارتدت ثوب السباحة في المنافسات.
ولأني أنا شخصيًا كنتُ رياضيًا سابقًا وممثّلاً لمنتخب الجمباز الوطني لبلدي في عديد من البطولات الأوروبية والعالمية، أكنُّ احترامًا كبيرًا لكثير من البطلات الرائعات اللواتي نسلّط عليهن الضوء على صفحات هذا العدد. وفي مسيرتي الرياضية، لا أتذكّر فقط الالتزام اليومي الذي كان ضروريًا لتحمّل جميع الجهود الشاقة في صالة الجيم الرياضية، والألم الدائم من اضطراري للعيش بكاحلين ملتويين أو عضلات متعبة، بل أتذكّر أيضًا الصعاب الشخصية مثل التغيّب عن التجمّعات العائلية وحفلات أعياد الميلاد. ولكنني أقمتُ صداقات دامت مدى الحياة، وأعتقدُ أن الوقت الذي قضيته في هذا المجال علّمني دروسًا لا تزال ترشدني حتى اليوم.
وعندما بدأنا العمل على إعداد غلاف هذا الشهر، أصبحتُ شغوفًا بغلاف قديم لــڤوغ الأمريكية يعود لعام 1952، والذي، رغم عدم ارتباطه بعالم الرياضة، أظهر وطنيةً وفخرًا كنتُ أرغب في تحقيقهما أيضًا. ويشرفني للغاية أننا تمكنّا من عرض هذه الفكرة بأسلوب فخم، بمشاركة لاعبتين رياضيتين من الرائدات البارزات في المنطقة. وأولاهما هي نوال المتوكل من المغرب، أول امرأة عربية ومسلمة على الإطلاق تحرز ميدالية ذهبية أولمبية. وقد تحقق هذا النصر المذهل في لوس أنجلوس عام 1984 عندما فازت باللقب بفارق زمني بلغ أكثر من نصف ثانية عندما عبرت خط النهاية في سباق 400 متر حواجز. أما اللاعبة الثانية فهي نجمة التايكوندو دنيا أبو طالب التي تمثّل السعودية، وهي أول امرأة من المملكة تتأهّل للألعاب الأولمبية، حيث ستشارك لأول مرة في باريس الشهر المقبل. ولدى مشاهدة هذا الغلاف وقيمته الرمزية، لا يسعني سوى الابتسام والشعور بالإلهام. ومعًا، تمثّل نوال ودنيا، اللتان تفصل بينهما عقود من الزمن ولكن يجمعهما الشغف والالتزام، قوة المرأة في الماضي والحاضر والمستقبل في العالم العربي. وهذا في حد ذاته إنجاز لا يقدر بثمن، سواء عدنا للوطن محرزين الميدالية الذهبية مرة أخرى أم لا.
المصدر : فوغ بالعربي