كلمة امين عام الجامعة العربية احمد ابو الغيط
يسعدني أن نلتقي مجدداً في أعمال هذه اللجنة، التي تعقد اجتماعها هنا في أبوظبي.. النموذج العربي المشرق.. واسمحوا لي باسمكم جميعاً أن أتقدم بخالص الشكر والامتنان إلى سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية على دعمه المعهود لأنشطة جامعة الدول العربية ومؤسساتها.. وحرصه الدؤوب على إقامة تعاون وثيق معها لخدمة العمل العربي.. كما أتقدم بجزيل الشكر إلى سعادة الدكتور علي بن محمد الخوري رئيس مجلس إدارة الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي ولفريقه على جهودهما لاستضافتنا في أفضل الظروف.
السيدات والسادة،
يواجه العالم منذ بداية العقد الحالي تعاظماًللمخاطر التي تهدد ازدهار المجتمعات وأمنها.. وبما يؤشر لبداية مرحلة جديدة طابعها “عدم الاستقرار”.. ولعل من أبرز ملامح المرحلة استمرار ارتفاع معدلات التضخم والاستدانة، منذ جائحة كورونا، إلى معدلات قياسية.. وتراجع الطلب العالمي على السلع وتصاعد الركود والبطالة.. إن هذه الآثار جعلت الحكومات جميعاً تسير على حبل مشدود.. إذ عليها التعامل مع معادلة صعبة من أجل توفير الحماية لشرائح واسعة من الأفراد من تبعات أزمتي الغذاء والتضخم.. في وقت تتعرض فيه إيراداتها لضغوط شديدة بسبب الانكماش الاقتصادي وارتفاع أسعار الطاقة ومعدلات العجز والديون.
إننا نلحظ اليوم، وبشكل ملموس ارتفاع تكاليف المعيشة الذي تسبب في تدهور القدرة الشرائية لفئات واسعة من المجتمعات.. بما قد يُفضي إلى أزمة إنسانية في بعض الدول الهشة.. ومنها بعض دولنا العربية للأسف الشديد.. بل وقد يتسبب في مخاطر مختلفة في عدد كبير من الدول عبر العالم.. في ظل اتساع نطاق التفاوت الاجتماعي، وتدهور مؤشرات العدالة والتنمية.
ونشهد بقلق متزايد تعقد المشكلات منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، إذ تدهورت الأوضاع لتأخذ منحنى أشد خطورة.
ولمواجهة هذه البيئة العالمية المتقلبة والخطيرة.. علينا أن نضاعف من جهودنا لحماية المكتسبات التي حققها العمل العربي المشترك.. وأن ندقق في تطورات الأوضاع لقراءتها على نحو سليم، ثم نقدم الدعم والمشورة اللازمين لتجاوز تداعياتها.
وحرصاً منّا على التجاوب مع متطلبات الوضع الراهن، وكذا سعياً للارتقاء بعمل لجنة التنسيق العليا إلى مستويات أفضل، أود الإشارة إلى بعض النقاط التي أراها مهمة وهي:
أولاً: تنفيذاً لخطة العمل التي اتفقنا عليها فيما سبق بالتركيز على موضوعات محددة لأهميتها.. وهي موضوعات حققنا فيها عدداً من الإنجازات.. أرى أهمية الاستمرار في تنفيذ تلك المشروعات والمبادرات التي أطلقناها.. وفي هذا الصدد سنطّلع اليوم على تقارير وعروض موجزة لبعض هذه الملفات.
ثانياً: إن عقد القمة العربية الأخيرة في الجزائر مؤشر إيجابي على استعادة العمل العربي زخمه.. وقد ناقشت القمة من ضمن بنودها عدداً من الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية، وعلى رأسها موضوع الأمن الغذائي العربي.. إذ أقرّت برنامج استدامة الأمن الغذائي العربي ووثائقه المُكمّلة، كما وافقت على استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة 2020-2030، وكذا مبادرة تحسين النوعية التكنولوجية للقمح المنتج محلياً.
وقد كَلَّفتْ القمة مؤسسات العمل العربي المشترك بتنفيذ البرامج والأنشطة المعروضة وحشد التمويل اللازم لها بالتعاون مع كافة الشركاء.. وفي هذا الشأن سنستمع إلى إحاطة تقدمها المنظمة العربية للتنمية الزراعية، والأكساد والهيئة العربية للاستثمار والانماء الزراعي واتحاد المهندسين الزراعيين العرب.. وآمل أن نخرج بمقترحات عملية تساهم في تنفيذ قرارات القمة وتقلل من فجوة الغذاء العربية، وتضع أمام صانع القرار العربي برامج عملية قابلة للتنفيذ.
ثالثاً: شهدت نهاية السنة الماضية حدثاً عالمياً مهماً إذ استضافت جمهورية مصر العربية قمة المناخ COP27 في مدينة شرم الشيخ.. وقد حظيت هذه القمة باهتمام عربي كبير سيسهم بلا شك في رفع الوعي العربي بقضايا المناخ.. كما خرجت بقرارات مهمة في مجالات التمويل ونقل التكنولوجيا وتنفيذ الاتفاقات والوعود الدولية للحد من مخاطر التغير المناخي.. وقد شهدت أعمال هذه الدورة لأول مرة مشاركة مميزة من جامعة الدول العربية مقارنة بالدورات السابقة.. ولأن قمة المناخ القادمة ستعقد أيضاً في المنطقة العربية، إذ ستقام هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة.. فأقترح أن نتشاور سوياً حول بعض الأفكار التي من شأنها تعزيز مشاركة الجامعة العربية في قمة المناخ المشار إليها بالتعاون مع الحكومة الإماراتية.. وهو أمر من شأنه أن يعود بالفائدة على منظماتنا العربية ودولنا الأعضاء على حد السواء.
رابعاً: أود إحاطتكم علماً بأن القمة العربية التنموية الخامسة ستعقد أعمالها يومي 6 و7 نوفمبر القادم في العاصمة نواكشوط.. وهي آخر قمة تنموية تعقد على نحو مستقل وفقاً للنظام القديم.. فقد أقر القادة العرب في قمة الجزائر الأخيرة النظام الأساسي الجديد الذي ينص على عقد القمة التنموية ثم تعقبها مباشرة القمة العادية في نفس البلد المضيف.. وقد بدأنا في الأمانة العامة مسار التحضير للقمة التنموية القادمة.
ولما كانت منظمات العمل العربي المشترك هي بيوت الخبرة والأذرع الفنية للجامعة العربية المعنية بتنفيذ الخطط والمشاريع العربية.. فإنني أرى أنه من الواجب أن نستشير هذه المؤسسات ونستمع إلى أفكارها ومبادراتها التي يمكن النظر فيها لتقديممشروع مشترك باسم الجامعة العربية إلى القادة العرب.. آملاً أن تشكل هذه المجهودات إضافة مفيدة للعمل العربي المشترك. وأتطلع في هذا الصدد إلى حوار صريح ومثمر معكم جميعاً حول هذه الأفكار.