بحضور رئيس الوزراء.. إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 (صور)
أطلق الدكتور مصطفي مدبولي، رئيس الوزراء ورئيس المجلس الوطنى للتغيرات المناخية الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ فى مصر 2050، وذلك في الاحتفالية التي تنظمها وزارة البيئة اليوم والتي تعد بمثابة خارطة طريق لتحقيق “الهدف الفرعي الثالث من رؤية مصر 2030 المحدثة وهو “مواجهة تحديات تغير المناخ”.
وتمكّن الاستراتيجية مصر من تخطيط وإدارة تغير المناخ على مستويات مختلفة بطريقة تدعم تحقيق الأهداف الاقتصادية والإنمائية المرغوبة للبلاد، وذلك باتباع نهج مرن منخفض الانبعاثات، بحضور الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، والسفير سامح شكرى وزير الخارجية، الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وطارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية، والسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، الدكتور محمد معيط وزير المالية والدكتورة نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة، والدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولى، إضافة إلي إيلينا بانوفا، المنسق المقيم للأمم المتحدة وممثلي مجلس النواب واتحاد الصناعات والأمم المتحدة.
وعلى الرغم من أن الانبعاثات التي تصدر عن مصر لا تتجاوز 0.6% من إجمالي انبعاثات العالم، فإن مصر تعد واحدة من أكثر الدول عرضة للآثار السلبية لتغير المناخ على العديد من القطاعات مثل السواحل والزراعة والموارد المائية والصحة والسّكان والبنية الأساسية، وهو ما يؤدي إلى إضافة تحدي جديد إلى مجموعة التحديات التي تواجهها مصر في إطار سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤيتها لتحقيق تلك الأهداف بحلول 2030.
وتولي رؤية مصر 2030 أهمية لمواجهة الآثار المترتبة على التغيرات المناخية من خلال وجود نظام بيئي متكامل ومستدام يعزز المرونة والقدرة على مواجهة المخاطر.
وأبدت مصر دائمًا الإلتزام والجدية على المستوى السياسي تجاه مكافحة تغير المناخ من خلال الموافقة والتصدّيق على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، بروتوكول كيوتو واتفاق باريس وتقديم التقارير والبلاغات الدورية المطلوبة في إطارها.
وعلى المستوى المؤسسي، تم إعادة تشكيل المجلس الوطني للتغيرات المناخية في عام 2019 برئاسة رئيس الوزراء، والذي يضم ممثلين من الجهات الحكومية والمجتمع المدني، ويهدف إلى صياغة وتحديث إستراتيجية وطنية شاملة لتغير المناخ وربطها باستراتيجية التنمية المستدامة وتجميع وتركيز الجهود الوطنية المبذولة في مجال الدراسات والبحوث المتعلقة بتغير المناخ.
على صعيد مساهمة مصر في جهود خفض الانبعاثات، تم اتخاذ العديد من الخطوات كوضع إطار استراتيجية تنمية منخفضة الانبعاثات حتى 2030 والتي يجري تحديثها حتى عام 2050 لتتناول خطط التنمية الوطنية وخطط تغير المناخ في إطار متسق ومتناغم، ووضع استراتيجية الطاقة المستدامة لمصر 2035 والتي تستهدف زيادة مساهمة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء وتحسين كفاءة الطاقة، وتنفيذ العديد من مشروعات الطاقة المتجددة (مثل مشروعات طاقة الرياح، مشروعات الطاقة الشمسية بقدرة 1.6 جيجاوات في بنبان بأسوان)، والنظرة المستقبلية لتصبح مصر مركزًا إقليميًا للطاقة من خلال إنتاج وتصدير الطاقة النظيفة مباشرة أو من خلال الهيدروجين الأخضر والأمونيا وغيرها، ومشروعات النقل المستدام كـ مترو الأنفاق والمونوريل وتحسين كفاءة الطاقة في الصناعة، وكذلك زراعة الغابات باستخدام ماء الصرف الصحي المعالج، ومشروعات الإدارة المستدامة والذكية للمخلفات، كما يجري الانتهاء من البنية التحتية لمنظومة المخلفات لاستيعاب كميات المخلفات، والأخذ فى الاعتبار نسبة الزيادة السكانية المستقبلية.
وتعتبر جائحة كورونا والأزمات العالمية الراهنة تحدى جديد يضاف للتحديات التى يعانى منها الاقتصاد المصري بسبب تغير المناخ، لكن تسعى الحكومة المصرية للانضمام لمسار الدول التى تعمل على الاستفادة من هذه المحنة من خلال تشجيع الاستثمارات الصديقة للبيئة والمناخ، ولعل أهم المبادرات للحكومة هى السندات الخضراء والتى تتيح تسهيلات لتنفيذ تلك المشروعات حيث نجحت مصر في الإصدار الأول للسندات الخضراء بقيمة 750 مليون دولار بما يضع مصر على خريطة التمويل المستدام، كما تم إعداد الإطار الإرشادي لإدماج البعد البيئي بنسب معينة فى مشروعات وخطط الدول.
وأكدت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة أن الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ تضع جودة حياة المواطن المصري كأولوية، وهو ما يتماشى مع الهدف الاستراتيجي الأول ضمن إستراتيجية مصر للتنمية المستدامة، وتتشكل رؤية الإستراتيجية بطريقة تضمن حماية المواطنين من تأثيرات تغير المناخ، مع الحفاظ على تنمية الدولة بطريقة مستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية وتتمثل رؤية الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في:
التصدي بفاعلية لآثار وتداعيات تغير المناخ بما يساهم في تحسين جودة الحياة للمواطن المصري، وتحقيق التنمية المستدامة، والنمو الاقتصادي المستدام، والحفاظ على الموارد الطبيعية والنظم البيئية، مع تعزيز ريادة مصر على الصعيد الدولي في مجال تغير المناخ”.
وأوضحت الوزيرة أن الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ ستسهل عملية تخطيط وإدارة تغير المناخ على مستويات مختلفة بطريقة تدعم تحقيق الأهداف الاقتصادية والتنموية المرغوبة للدولة بإتباع نهج منخفض الانبعاثات، مشيرةً إلى أن رؤية مصر 2030 تعتبر المظلة الاستراتيجية للتنمية فى الدولة، حيث تدمج الإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ جميع الأهداف الرئيسية و الفرعية المتعلقة بتغير المناخ الموجودة بها.
وأضافت ياسمين فؤاد أنه تم إعداد الاستراتيجية بناءً علي نهج تشاوري مع جميع الجهات المعنية، إضافة إلى الاستفادة من خبرات الدول السابقة واستراتيجيات مختلفة لدول ذات ظروف مشابهة لمصر.
نتجت الأهداف الاستراتيجية بشكل أساسي بناء على المادتين 45 و46 من الدستور المصري، كما تم مراعاة الارتباط بالأهداف الواردة فى رؤية مصر 2030.
وجاءت أهداف الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ لتعالج نقاط الضعف والتهديدات وتبني على الفرص التي ظهرت في تحليل نقاط القوة والضعف للمشهد الحالي لتغير المناخ في مصر، مشيرة إلى أنه تم بناء الأهداف، أيضًا، علي خطط واستراتيجيات التنمية في القطاعات المختلفة، كما تم أخذ أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة والتزامات المعاهدات الدولية المرتبطة بتغير المناخ في الاعتبار.
وأشارت الوزيرة أن إعداد الإستراتيجية تم على مرحلتين بواسطة فريق استشاري محلي من الخبراء الوطنيين، وقد تضمنت المرحلة الأولى تطوير إطار عمل لرسم الحدود للاستراتيجية كتَحديد الرؤية، والأهداف الرئيسية والفرعية، والتوجهات العامة، والسياسات والأدوات، والمبادئ التوجيهية لإعداد الاستراتيجية، بينما تضمنت المرحلة الثانية إدراج التفاصيل،حيث تم مراجعة الوثائق والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية ذات الصلة، إضافة إلى مراجعة استراتيجيات البلدان النامية الأخرى كدراسات حالة لفهم الأساليب المختلفة التي تتبعها البلدان الأخرى لتطوير استراتيجياتها.
وأوضحت وزيرة البيئة أن الإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ تتكون من خمسة أهداف رئيسية ينبثق منها عدد من الأهداف الفرعية وهى:
• الهدف الأول: تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتنمية منخفضة الانبعاثات في مختلف القطاعات.
1- تحول مجال الطاقة عن طريق زيادة حصة جميع مصادر الطاقة المتجددة والبديلة في مزيج الطاقة
2- خفض الانبعاثات المصاحبة لاستخدام الوقود الاحفوري
3- تعظيم كفاءة الطاقة
4- تبني اتجاهات الاستهلاك والإنتاج المستدامة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من النشاطات الأخرى غير المتعلقة بالطاقة
• الهدف الثانى: بناء المرونة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ وتخفيف الآثار السلبية المرتبطة بتغير المناخ:
1- حماية المواطنين من الآثار الصحية السلبية لتغير المناخ
2- تقليل الخسائر والأضرار التي يمكن أن تحدث لأصول الدولة والنظم البيئية عن طريق الحفاظ عليها من تأثيرات تغير المناخ
3- الحفاظ على موارد الدولة من تأثيرات تغير المناخ
4- وجود بنية تحتية مرنة وخدمات مرنة في مواجهة تأثيرات تغيرالمناخ
5- تنفيذ مفاهيم الحد من مخاطر الكوارث
6- الحفاظ على المساحات الخضراء و التوسع بها
7- تعزيز اعتبارات الاستجابة الخاصة بالمرأة لمساعدتها على التكيف مع تغير المناخ
الهدف الثالث: تحسين حوكمة وإدارة العمل في مجال تغير المناخ
1- تحديد أدوار ومسؤوليات مختلف أصحاب المصلحة من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية
2- تحسين مكانة مصر في الترتيب الدولي الخاص بإجراءات تغير المناخ لجذب المزيد من الاستثمارات وفرص التمويل المناخي
3- إصلاح السياسات القطاعية اللازمة لاستيعاب التدخلات المطلوبة للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه
4- تعزيز الترتيبات المؤسسية والإجرائية والقانونية مثل نظام الرصد والإبلاغ والتحقق (MRV)
الهدف الرابع: تحسين البنية التحتية لتمويل الأنشطة المناخية
1- الترويج للأعمال المصرفية الخضراء المحلية،وخطوط الائتمان الخضراء
2- الترويج لآليات التمويل المبتكرة التي تعطيالأولوية لإجراءات التكيف، على سبيل المثال السندات الخضراء
3- مشاركة القطاع الخاص في تمويل الأنشطة المناخية والترويج للوظائف الخضراء
4- التوافق مع الخطوط التوجيهية لبنوك التنمية متعددة الأطراف (MDB) لتمويل الأنشطة المناخية
5- البناء على نجاح برامج تمويل الأنشطة المناخية الحالية
• الهدف الخامس: تعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة والوعي لمكافحة تغير المناخ
1- تعزيز دور البحث العلمي ونقل التكنولوجيا في التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه
2- تسهيل نشر المعلومات المتعلقة بالمناخ وإدارة المعرفة بين المؤسسات الحكومية والمواطنين
3- زيادة الوعي بشأن تغير المناخ بين مختلف أصحاب المصلحة(صانعي السياسات/القرارات، والمواطنين، والطلاب).
وأشارت ياسمين فؤاد أن تغير المناخ أصبح ضرورة حتمية، وهو ما دفع مصر لإعداد استراتيجيتها الوطنية الأولى للتكيف مع تغير المناخ والحد من مخاطر الكوارث في 2011، وكذلك استراتيجية التنمية منخفضة الانبعاثات (LEDS) في 2018، وهو أيضاً السبب وراء طلب المجلس الوطنى لتغير المناخ (NCCC) وضع أول استراتيجية وطنية شاملة لتغير المناخ (NCCS) لمصر حتى 2050 للتصدى للآثار السلبية للتغيرات المناخية.
وأوضحت الوزيرة أن الإستراتيجية تتضمن عدد من التوجهات وهى: التأكد من التخطيط المتكامل بين مختلف الاستراتيجيات الوطنية والقطاعية، العمل على دمج الإجراءات المتعلقة بالتغيرات المناخية في التخطيط الوطني، دمج معايير الاستدامة والتعافي الأخضر في التخطيط الوطني وإعداد الميزانية، دمج التكيف مع المناخ والمرونة في مشروعات البنية التحتية ،الاستفادة من فرص التمويل المتاحة تحت مظلة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، واتفاقية باريس، وغيرها من المصادر ذات الصلة بالمناخ، استغلال البنية التحتية الحالية لتنفيذ مشروعات جديدة متعلقة بتغير المناخ، على سبيل المثال، الاستفادة من شبكة الكهرباء الحالية المحدثة والموسعة لتشغيل المركبات الكهربائية، تعزيز تنافسية السوق والتنوع الاقتصادي وخلق فرص عمل خضراء، و تعزيز التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف مع دول العالم ومؤسسات التمويل الدولية والوكالات المتخصصة في المجالات ذات الاهتمام المشترك مثل دول حوض النيل وغيرها.
أشارت وزيرة البيئة إلى مصادر التمويل المحتملة لتحقيق أهداف الإستراتيجية، حيث يوجد العديد من المصادر الدولية المتاحة تحت إطار اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ واتفاقية باريس مثل صندوق المناخ الأخضر، البنوك والمؤسسات متعددة الأطراف مثل البنك الدولي وبنك التنمية الإفريقي، إضافة إلى الجهات ثنائية الأطراف مثل الوكالة الفرنسية للتنمية وغيرها، بجانب التمويل من ميزانية الدولة ، علاوة على تحفيز استثمارات القطاع الخاص.
وأكدت الدكتورة ياسمين فؤاد أن تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في مصر يتطلب مشاركة جميع طوائف المجتمع بما فيها المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني بشكل فعال، وعدم الاقتصارعلى الجهات الحكومية فقط، لتحقيق أهداف الاستراتيجية من خلال زيادة الوعي حول العمل المناخي وتعزيز قيم العمل التطوعي، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، تقوم بعض منظمات المجتمع المدني بالتشجير، والتوعية البيئية، وغيرها من المبادرات ذات الصلة.