القباج: الإرهاب الفكرى كلف المجتمع الكثير من أمنه وسلامه (صور)

أكدت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعى، أنه إذا كان الإرهاب المادى أزهق الأرواح الغالية من شهداء القوات المسلحة والشرطة والمدنيين، وكبد الاقتصاد المصرى خسائر مادية فادحة وفرصا ضائعة، فإن الإرهاب الفكرى والمعنوى قد كلف المجتمع المصرى الكثير من أمنه وسلامه وتماسكه الاجتماعى.

جاء ذلك فى كلمتها خلال مؤتمر “تكلفة الإرهاب.. مقاربة مصرية شاملة”، المقام بالتعاون مع وزارة التضامن.

وقالت: “يسعدنى اليوم ونحن نعلن النتائج المبدئية لبحث “التكلفة الاقتصادية والاجتماعية للإرهاب”، وذلك بالتعاون والشراكة بين وزارة التضامن الاجتماعى والمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن نلتقى بنخبة من المفكرين البارزين والباحثين والخبراء والإعلاميين المتميزين الذين بذلوا جهودا عظيمة فى مجال مكافحة الإرهاب الفكرى والمادى، وساهموا بعلمهم وفكرهم فى تقوية دعائم الدولة الوطنية الحديثة التي تقوم على الدستور والقانون والمواطنة والمدنية والاقتصاد الإنتاجى والتنمية المستدامة”.

وتابعت: “كما يسعدنى أن أرحب بممثلى المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية، الوزارات المعنية، والمجلس القومى لحقوق الإنسان ومكتبة الإسكندرية، الذين نعتبر مشاركتهم اليوم وتعليقاتها على البحث بمثابة اللبنة الأولى لتطويره وبلورة نتائجه”.

وأوضحت وزيرة التضامن أن فكرة هذا البحث بدأت بتكليف رئاسى من الرئيس عبد الفتاح السيسى، لإجراء بحث حول تقدير التكلفة الاقتصادية والاجتماعية للإرهاب فى مصر والدول الاسلامية. وإعلان نتائج هذا البحث للمواطنين من خلال وسائل الإعلام المختلفة، ليتعرفوا على الحقائق وحجم الخسائر التى تكبدتها الدولة والمواطنين من جراء موجات الإرهاب المختلفة التى شهدتها مصر.

وأضافت: “بالرغم من المعالجات الفكرية والبحثية الواسعة دوليا ووطنياً لرصد ظاهرة الإرهاب وأسبابه محلياً واقليمياً ودولياً، إلا أن هناك ندرة فى الأبحاث العلمية الموثقة التى تناولت حساب تكلفة الإرهاب التى تكبدها المجتمع وتحملتها الدولة. ويعتبر بحثنا هذا، هو الأول فى مصر لحساب تكلفة الإرهاب على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية والثقافية فى مصر على مدى ثلاثة عقود متتالية، منذ تسعينات القرن الماضى وحتى الآن”.

وتابعت: “يُعرف القانون المصرى العمل الإرهابى بأنه “كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع فى الداخل أو الخارج، بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه للخطر، أو إيذاء الأفراد أو إلقاء الرعب بينهم، أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم العامة أو الخاصة أو أمنهم للخطر، أو غيرها من الحريات والحقوق التى كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعى أو الأمن القومى….” (قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015).

واستطردت: “تكمن الخطورة الحقيقية لجرائم الإرهاب فى المنظومة الفكرية المتشددة والظلامية التى تبرره وتجعله عملا بطولياً فى نظر الشخص الإرهابى والمحيط الذى يشجعه، وهو ما يمكن تسميته “بالحاضنة الفكرية للإرهاب”. هذه المنظومة الفكرية المتشددة والتكفيرية والتمييزية المتغلغلة فى بعض قطاعات الثقافة المجتمعية لا تختفى بتوقف الإرهاب المادى. ويظل خطر الإرهاب المادى قائما، حتى ولو اختفى لبعض الوقت، طالما الأساس الفكرى لم يزل متوفراً.

وأكدت: “فى الوقت نفسه، شكل تحدياً كبير لتقاليد وقيم المواطنة والحداثة للدولة الوطنية، ومعوقاً لمشروعات الإصلاح المؤسسى، والسياسى والتقدم الاجتماعى والتنموى. ومن هنا، فإن مشروع بحث “التكلفة الاقتصادية والاجتماعية للإرهاب” لا يتناول فقط التكلفة المادية للإرهاب، بل يتضمن دراسة تكلفة الإرهاب فى أربعة محاور رئيسية هى: الاقتصادى والاجتماعى والسياسى والثقافى، وتجرى فى كل محور دراسة تكلفة الإرهاب وأسبابه وسبل المواجهة والتصدى
ويهدف المشروع إلى تعميق المعرفة فى مجال تكلفة الإرهاب، ورفع وعى المواطنين بفداحة تكلفة الإرهاب الفكرى والمادى، وتطوير استراتيجيات الحكومة والمجتمع المدنى والإعلام فى التصدى ومواجهة المنظومة الفكرية المشجعة للإرهاب من جهة، وبناء قيم وثقافة المواطنة وقبول التنوع والاختلاف من جهة أخرى”.

وقالت: “لقد أيقنت الحكومة المصرية أن استراتيجية مواجهة الإرهاب لا يمكنها أن تعتمد على جانب واحد فقط “أمنى أو دينى” وأنها لابد أن تعتمد على التكامل بين كل الأبعاد الأمنية والقانونية الدينية والثقافية والتربوية والتنموية، والتنسيق الكامل بين كل الوزارات والمؤسسات الدينية والمجتمع المدنى.

وتابعت: فى هذا الإطار، تعمل عدد من الكيانات الرسمية كآلية للتنسيق المتابعة بين الوزارات والهيئات المعنية، على رأسها:

اللجنة العليا لمكافحة الاحداث الطائفية بالمجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف.

التقرير الوطنى لجمهورية مصر العربية حول مكافحة الإرهاب، الذى يصدر سنوياً عن وحدة مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية.

لجنة الحريات الدينية / اللجنة العليا لحقوق الانسان بوزارة الخارجية

استراتيجيات وزارة التضامن الاجتماعى للتصدي للإرهاب

وشددت الوزيرة على أن الدور المنوط بوزارة التضامن الاجتماعى فى التصدى للإرهاب حساس ودقيق للغاية، لأنها الوزارة التى تتعامل من الفئات الاجتماعية الأكثر احتياجاً وهشاشةً. ولا تكاد تخلو دراسة وطنية أو دولية عن أسباب الإرهاب من ذكر الفقر والتهميش الاجتماعى بوصفهما من الدوافع المحفزة لتبني الأفكار المتشددة وايدولوجيا الإرهاب وخاصة وسط النشء والشباب.

وقالت إن استراتيجيات وزارة التضامن على عدد من العناصر المباشرة وغير المباشرة، نذكر منها ما يلى:

أولا: التوسع فى مظلة الحماية الاجتماعية، وتنمية شعور المواطن بالأمن الاجتماعى:

فخلال الثلاث سنوات الماضية، توسعت وزارة التضامن فى مد مظلة الحماية الاجتماعية للأسر الأولى بالرعاية من أجل تحسين مستوى معيشتهم وربطهم بشبكات الحماية الاجتماعية، والتى تشكل اللبنة الأولى فى تنمية شعور المواطن بالأمان والتكافل الاجتماعى ضد شعور التهميش والانعزال.

وفى هذا الإطار، فقد ارتفعت أعداد الأسر المستفيدة من برامج الدعم النقدى المشروط “تكافل وكرامة” لتصل فى عام 2020 إلى 3,81 أسرة بزيادة قدرها 523 ألف أسرة عن العام السابق. كما ارتفع إجمالى المستفيدين من 1,75 مليون مستفيد عام 2015 إلى 3,8 مليون مستفيد بنسبة 118% كما ارتفعت الموازنة المخصصة للدعم النقدى من 6.9 مليار جنيه فى عام 2015 إلى 19 مليار فى عام 2020 بنسبة 175%.

وتابعت: “كما حرصت وزارة التضامن على مبادئ تكافؤ الفرص التعليمية لتعزيز العدالة الاجتماعية وتبنت منهج الدعم النقدى المشروط مما يُلزم الأسر بتوجيه الدعم إلى الاستثمار فى رأس المال البشرى من خلال المشروطية التعليمية والصحية. ويبلغ عدد الأطفال المستفيدين من البرنامج 5 مليون طفل بنسبة 44% من إجمالي أفراد الأسر.

وأضافت: “أن الرئيس عبد الفتاح السيسى خصص ميزانية تقدر بمليار جنيه لدعم طلاب الجامعات من الأسر المستفيدة من برنامج تكافل وكرامة، وبذلك يكون قد تم دعم كل أطفال وشباب هذه الأسرة تعليمياً من فترة الحضانة وحتى الجامعة، كما خصصت وزارة التضامن حزمة من تدخلات الحماية الاجتماعية فى شمال سيناء، شملت إضافة 6000 أسرة أولى بالرعاية إلى برنامج الدعم النقدى المشروط، بزيادة قدرها 35% عن الأسر المسجلة فى محافظة شمال سيناء. وإصدار 2000 بطاقة خدمات متكاملة للأشخاص ذوى الإعاقة، بإجمالى 92 مليون جنيه. وتدريب الشباب من أبناء سيناء على صيانة الأجهزة التعويضية للأشخاص ذوى الإعاقة. وكذلك تخصيص حوالى 6000 بطاقة تموين. وتخصيص 80 مليون جنيه سنوياً مساعدات للأسر المتضررة من جراء الإرهاب.

وفى مجال التعليم أوضحت أنه تم تخصيص 3 ملايين جنيه لرعاية الطلاب الجامعيين المغتربين من شمال سيناء، وكذلك تخصيص منح دراسية لــ10 آلاف طالب وطالبة لتغطية المصروفات الدراسية لهم. ودعم مركز التكوين المهنى بالمحافظة بمبلغ 2 مليون جنيه. وتجهيز المدن الجامعية للطلاب لتشجيعهم على الاستمرار فى الدراسة.

وفى مجال التمكين الاقتصادى ذكرت الوزيرة أنة تم تخصيص 3000 قرض من بنك ناصر الاجتماعى وبرنامج فرصة بوزارة التضامن بإجمالى 20 مليون جنيه، للتمكين الاقتصادى للشباب والسيدات. وخلال أزمة الكورونا تحملت وزارة التضامن صرف إعانات شهرية للصيادين تعويض لهم عن توقف العمل بمبلغ 20 مليون جنيه سنوياً. وقد خصصت الوزارة 130 مليون جنيه فى العامين السابقين لتغطية تكلفة تعويضات ضحايا الحوادث والأزمات الطائفية والإرهاب.

ثانيا: دعم الأبحاث الاجتماعية التى تعمق المعرفة العلمية حول أسباب التطرف والإرهاب وعلاقتهما بالتنمية، وتساهم فى رسم السياسات العامة والتدخلات الخاصة بالمواجهة على أساس علمى قائم على الدليل.

دراسة ميدانية حول “الاحتياجات التنموية لمحافظة شمال سيناء ومراكزها الستة “، قام بها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية (2021).

“التنمية وتعزيز قيم المواطنة فى صعيد مصر … دراسة حالة لبعض قرى المنيا”. وترصد الدراسات أسباب التشدد والعنف الدينى فى ريف المنيا واستراتيجيات المواجهة، قام بها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية (2021).

بحث التكلفة الاقتصادية والاجتماعية للإرهاب فى مصر والدول الإسلامية، المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية (جار العمل).

ثالثا: البرامج والتدخلات التنموية للتصدي للتطرف والإرهاب وتعزيز قيم المواطنة واحترام التنوع

تبنت وزارة التضامن الاجتماعى منذ 3 سنوات عدداً من المشروعات والمبادرات التنموية الهادفة إلى دمج مكون قيم وثقافة المواطنة وقبول التنوع الديني والثقافى فى البرامج التنموية “الاقتصادية والبيئية والثقافية” المختلفة فى المناطق الأكثر فقراً وتعرضاً لخطر التطرف، والاحداث الطائفية والإرهاب.

تقوم هذه البرامج على استراتيجية أساسية تسعى إلى دمج كل المواطنين من خلفيات ” دينية وثقافية وعرقية واجتماعية مختلفة ” فى أنشطة التنمية وخدمة المجتمعات المحلية، وذلك من أجل التوعية بثقافة المواطنة بصورة عملية مُعاشة. وتعتمد استراتيجيات وزارة التضامن الاجتماعى أيضاً على دعم الجمعيات الأهلية مادياً وفنياً لتكون شريكاً لها فى تنفيذ هذه المبادرات فى المجتمعات المحلية.

من أهم تلك المبادرات ما يلى:

برنامج تعزيز قيم وممارسات المواطنة فى القرى الأكثر تضرراً من الأحداث الطائفية بمحافظة المنيا، والذى يعمل فى 44 قرية من القرى “الأكثر تضرراً من التطرف والأحداث الطائفية” منذ سبتمبر 2020. وتنفذ الوزارة العمل فى هذه القرى عن طريق الدعم الفنى والمادى الذى يبلغ 12 مليون جنيه، والمقدم من صندوق دعم الجمعيات الأهلية إلى سبع جمعيات أهلية كبيرة، تتعاون بدورها مع شبكة كبيرة من الجمعيات الأهلية المحلية فى القرى. وذلك بالتنسيق مع ديوان عام محافظة المنيا والوزارات ذات الصلة.

نجح هذا البرنامج فى تعزيز إجراءات الحماية الاجتماعية والدمج الاجتماعى للمواطنين من كل الخلفيات الدينية والاجتماعية، وتنمية الوعى لدى الأطفال والشباب بقيم المواطنة واحترام التنوع وخاصة من خلال الانشطة الفنية والزيارات للمواقع الحضارية والأثرية.

التعاون بين وزارتى التضامن والثقافة فى دعم المرحلة الثانية من مسرح التجوال والمواجهة فى القرى، من أجل أن يصل المسرح إلى كل القرى والنجوع المحرومة من خدمات الثقافة والتوعية. ويهدف مسرح التجوال والمواجهة إلى بناء الشخصية المصرية وتنمية الوعى من خلال المسرحيات الفنية الهادفة والتى تتضمن رسائل تنويرية لمجابهة الأفكار المتطرفة والتعصب الديني والاجتماعى. بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الرسائل الاجتماعية التى تدعم حقوق المرأة والطفل وقيم العمل والمبادرة والمشاركة الاجتماعية للشباب.

واستهدفت المرحلة الثانية من مسرح المواجهة والتجوال تقديم 325 ليلة عرض فى 20 محافظة.

مبادرة وعى من أجل التنمية والحياة الكريمة والتى تهدف إلى تطوير الوعى ودعم الاتجاهات الإيجابية المجتمعية الخاصة بالتنمية المجتمعية والتكامل الوطنى فى مراكز وقرى حياة كريمة.

وتعتمد على استراتيجية تكوين كوادر دينية إسلامية ومسيحية ومجتمعية وإعلامية وتمكينهم من التواصل مع الجمهور برسائل علمية وثقافية ودينية وقانونية متكاملة وموحدة. وذلك بالتنسيق مع كل المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية والجمعيات الاهلية.

واختتمت كلمتها: “فى النهاية أتمنى أن نستفيد من يومنا هذا بنقاشات جادة حول النتائج الأولية لبحث التكلفة الاقتصادية والاجتماعية للإرهاب، تصب فى تطويره وبلورة نتائجه. كما أتمنى الانتهاء منه فى وقت قريب ليكون إضافة معتبرة فى معركة الدولة والمجتمع ضد الإرهاب بكل أشكاله”.

بدوره

الأستاذ/ عبد الفتاح الجبالي

الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي

أكد أن تلك هي المرة الأولى أن يتم دراسة موضوع تكلفة الإرهاب بهذه المنهجية العلمية في مصر، حيث تم الحديث عن الإرهاب منذ عقود إلا أنه لأول مرة يتم محاولة قياس التأثير المباشر على المجتمع والاقتصاد المصري.

أشار إلى أنه تم التعاون مع الفريق البحثي؛ الاستاذة الدكتورة/ عادلة رجب، نائب وزير السياحة الأسبق، والدكتور/ أحمد عاشور، مستشار وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور/ أحمد سليمان، الأستاذ بمعهد التخطيط القومي.

وأضاف أنه في محاولة لقياس التكلفة الاقتصادية للعمليات الإرهابية، تم الاعتماد على المنهجية التي اعتمد عليها معظم بلدان العالم في هذا الشأن. وبناء على هذا، اعتمدالفريق البحثي على منهجية المؤشر الارهاب العالمي الأمريكي، والذي حاول قياس التكلفة الاقتصادية للإرهاب على اقتصادات العالم آخذًا في اعتباره الناتج المحليالإجمالي فقط.

وعلاوة على ذلك، اعتمد الفريق على دراسة الآثر على قطاعات المجتمع ككل مثل قطاع السياحة وميزان المدفوعات، والانفاق العام والموازنة العامة للدولة، والآثر على الاستثمارات الخاصة والاجنبية، وأخيرًا النمو الاقتصادي بشكل عام.

فيما يتعلق بالخسائر المالية لقطاع السياحة، توصل البحث إلى ارتباط الإيرادات السياحية بالعمليات الإرهابية بشكل مباشر خلال الفترات محل الدراسة، حيث انخفضت العوائد السياحية مباشرة عقب القيام عن أي عملية إرهابية.

بلغت الخسائر المباشرة في قطاع السياحة جراء العمليات الإرهابية حوالي 64 مليار دولار، والتي تم قياسها عن طريق المقارنة بين الإيرادات المتوقعة والإيرادات التي سجلها القطاع بالفعل. ومع إضافة، التكاليف المباشرة للحفاظ على القطاع عن طريق عملية الإحلال والتجديد، سنجد إنها بلغت نحو 3 مليارات دولار، علاوة على أجور العمالة المباشرة وغير المباشرة.

مع دراسة الارتباط بين السياحة والإيرادات الأخرى كقطاع الآثار ومحلات بيع القطع الآثرية، سنجد أن الخسارة بلغت نحو 40%. أما عن الخزانة العامة للدولة، تأثرت الدولة بفقدان جزء كبير من الحصيلة الضريبية من القطاع السياحي تبلغ (45 مليار دولار)، لتكون الخسائر النهائيةفي قطاع السياحة حوالي (207.5 مليار دولار).

بالانتقال إلى ميزان المدفوعات، توصل الفريق إلى تأثير مباشر ناتج عن التأثير على الإيرادات السياحية، مما أثقل كاهل الاحتياطي النقدي المصري في نهاية المطاف، فيما تمحور الأثر غير المباشر حول تراجع الاستثمارات الموجهة للاقتصاد المصري مما يؤثر أيضًا على النقد الأجنبي.وأخيرًا، ينبغي الإشارة إلى تأثير العمليات الإرهابية على معدلات البطالة في قطاع السياحة.

أما عن المحور الثاني، وهو الإنفاق العام، اتضح أن العمليات الإرهابية أثرت على معدلات الانفاق العام على قطاعات مهمة كالصحة والتعليم وذلك بسبب انسحاب الاستثمارات الخاصة من تلك القطاعات، مما أجبر الحكومة على زيادة استثماراتها وإنفاقها في تلك القطاعات كبديل للاستثمار الخاص حتى تحافظ على المستويات المعيشية للمواطنين.

وفي النهاية، أدى زيادة الإنفاق إلى زيادة عجز الموزانة، ولهذا توصل البحث إلى الارتباط المباشر بين العمليات الإرهابية وعجز الموازنة، حيث يرتفع عجز الموازنة بشدة عقب وقوع أي حادث إرهابي بسبب تزايد الإنفاق على القطاعات المتضررة من العمليات الإرهابية. فعلى سبيل المثال، أثر حادث الأقصر على هيكل الموازنة العامة للدولة. حيث تحولت إلى العجز الجاري بدلًا من الفائض.

بالتحول صوب المحور الثالث وهو النمو الاقتصادي، تمثلت نتيجة البحث في تراجع معدلات النمو الاقتصادي عقب الحوادث الإرهابية بشكل مباشر بسبب تراجع الاستثمارات الاجنبية والخاصة، حيث تنسحب تلك الاستثمارات من البيئة المهددة أمنيًا وغير المستقرة.

وإجمالًا، بلغت الخسائر الإجمالية التي تكبدها الاقتصاد المصري نتيجة للعمليات الإرهابية خلال الفترة من 2011 إلى 2016، نحو 386 مليار جنيه بالأسعار الثابتة في الناتج القومي الإجمالي، ونحو 176 مليار جنيه بالأسعار الثابتة في الاستثمارات.

ومن ثم يُمكن القول أن العمليات الارهابية أثرت بشكل مباشر على معدل الاستثمارات الخاصة ومن ثم معدل النمو وضياع وهدر جزء كبير من الناتج المحلي الاجمالي بسبب التأثير على عائدات السياحة، ومعدلات الفقر والبطالة. أذن، تعتبر العلاقة بين الحوادث الإرهابية ومعدلات الاسثتمارات علاقة عكسية أي أن ارتفاع العمليات الإرهابية ستؤدي إلى تراجع معدل الاستثمارات ومعدل النمو الاقتصادي، فيما تعد العلاقة بين الحوادث الإرهابية والفقر والبطالة علاقة طردية، أي أن الفقر والبطالة يرتفعان بارتفاع العمليات الإرهابية.

وأخيرًا، فيما يتعلق بأسباب الإرهاب الاقتصادية، يُمكن توضيحها بغياب الشمول الاقتصادي، أو إقصاد الإفراد والمواطنين من نتائج العملية الاقتصادية وهو ما يساهم في بروز العوامل التي تساعد على ظهور الإرهاب وتنامي الظاهرة في المجتمع.

وبناء عليه، تقترح الدراسة أن التنمية الاحتوائية هي الأساس لمحاربة الإرهاب والتي تستند على النمو والكفاءة وعدالة التوزيع حتى تستطيع مصر احتواء الظاهرة وتخفيف من حدة تداعياتها على الاقتصاد المحلي.

 

اما كلمة دكتور خالد عكاشة خلال الندوة الأولى للمشروع البحثي مع وزارة التضامن الاجتماعي “تكلفة الإرهاب” هي التالي :

في البداية، يشرفني أن أعبر عن عميق امتناني وفخري للتعاون بين المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ووزارة التضامن في المشروع البحثي حول التكلفة الاجتماعية والاقتصادية لظاهرة الإرهاب في مصر.

يتناول هذا المشروع أسباب هذه الظاهرة، وما حملته من تداعيات ممتدة على المجتمع ومؤسسات الدولة المصرية منذ سبعينيات القرن العشرين وحتى اللحظة الراهنة، فضلًا عن طرح مقاربة مصرية شاملة للحد من تداعيات الإرهاب على مختلف القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.

لقد كانت نقطة البداية في هذا المشروع البحثي هو فهم طبيعة الإرهاب ذاتهفي مصر، ذلك أنه يبدأ بالأساس كإرهاب ناعم” يسعى إلى ترهيب وتخويف الدولة والمجتمع عبر منظومة فكرية تعمل على التبرير الأيديولوجي والتمويل المادي والتمدد داخل المؤسسات والتعبئة للقواعد الاجتماعية، ثم يصبح في مرحلة لاحقة صلبًا، حيث يستهدف التخريب والتدمير المادي من خلال العنف الإرهابي.

وأولى المركز المصري منذ انطلاقته في العام 2018 اهتمامًا بحثيًا كبيرًا لهذا التزاوج الخطر بين الإرهاب الناعم والصلب، وما يحمله من تأثيرات على أمن وسلامة الدول والمجتمعات، سواء في مصر أو الإقليم أو العالم. برز ذلك في العديد من الإصدارات والتحليلات والجلسات النقاشية وغيرها من الأنشطة البحثية، لعل أحدثها كان كتابًا أكاديميًا موسعًا أصدره المركز هذا العام عن ظاهرة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي.

من هنا، كان الاهتمام البحثي للمركز المصري برصد وتحليل التكلفة المتصاعدة التي عانتها مصر منذ عقود جراء انتشار الإرهاب المنظم. إذ استهدفت تنظيمات الإرهاب رجال الدولة والمؤسسات والمجتمع بكامله، وكذا المقدرات القيمية والثقافية والمادية. فقد شهدت البلاد موجات إرهابية متعاقبة، بداية من الاغتيالات التي قام بها النظام الخاص التابع لتنظيم الإخوان الإرهابي في الأربعينيات والخمسينيات، مرورًا بإرهاب كل من الجماعة الإسلاميةوالجهاد في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، وصولًا إلى تدشين عدد كبير من اللجان النوعية والتنظيمات الإرهابية في أعقاب إسقاط حكم الإخوان في ثورة 30 يونيو 2013؛ إذ بلغ النشاط الإرهابي في هذا التوقيت تحديدًا مرحلة غير مسبوقة في تاريخ مصر، خاصة بين عامي 2014 و2015، ما ترتب عليه وضعها في قائمة الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب.

وعلى الرغم من اتخاذ الظاهرة الإرهابية في مصر أنماط وتوزيعات جغرافية متباينة في ضوء اختلاف سياقات ودوافع نشوئها، فإن نتائجها كانت واحدة في جميع مراحل تطورها. إذ كبدت الدولة المصرية خسائر متراكمة أثرت سلبًا على فرص التنمية، بعض تلك الخسائر كان مباشرًا مثل الأرواح البشرية، وتضرر المنشآت والبنى التحتية، وخروج رؤوس الأموال، والاستثمار في مجالات الأمن، ونفقات إصلاح ما تم تدميره. فيما كان البعض الآخر من الخسائر غير مباشر حيث تمثل في نفقات الدولة على الضحايا وعائلاتهم،وإعاقة فرص التنمية والاستثمار، ما أدى إلى عرقلة مسار التنمية، وتحويل موارد الدولة إلى مكافحة الإرهاب وعلاج التداعيات المترتبة عليه.

ولم تكن الحياة الاجتماعية والثقافية بمعزل عن الأضرار والخسائر التي خلفتها الظاهرة الإرهابية، بل كانت أكثر خطرًا وتأثيرًا؛ إذ سعت التنظيمات الإرهابية إلى اتباع استراتيجية منظمة تهدد تماسك المجتمع المصري عبر آلياتها المتطرفة في الاختراق والتكفير والتجهيل، من أجل تكريس رؤى وقيم متطرفة تقصي الآخر، وتضع قيودًا على حرية الفكر والإبداع، والأهم أن أولئك الإرهابيين استهدفوا على نحو خاص المرأة المصرية، وعبر تقييد سلوكها، في ضوء رؤيتهم المتطرفة لها كشخص منقوص الأهلية، وليست شريكًا أساسيًا في معركتي البقاء والبناء.

إن تكلفة الإرهاب الذي ضرب مصر على مدار العقود الماضية، كانت ممتدة ومركبة وعميقة الأثر في قطاعات المجتمع والدول، بل إنها صاغت صورة سلبية عن الدولة المصرية لدى الرأي العام الخارجي. لكن الدولة المصرية واجهت ذلك عبر حشد وتعبئة كافة جهود مؤسساتها لإحلال الأمن والاستقرار؛ إدراكًا منها أنه الخطوة الأساسية للانطلاق للتنمية، وهو ما برز بالفعل في تراجع بل وانزواء النشاط الإرهابي خلال السنوات الأخيرة، ارتباطًا بذلك جاءت دعوة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في سابقة لم تحدث في أي دولة أخرى، على اعتبار مقاومة الإرهاب كحق أساسي من حقوق الإنسان.

وعليه، باتت الحاجة ملحة لتقديم معالجة معمقة حول ظاهرة الإرهاب، تنطلق من فهم لطبيعة وظروف وخصوصية المجتمع المصري، وفي الوقت ذاته تتجنب إطلاق التعميمات أو تكرار السرديات المعدة مسبقًا، لذلك يهدف المشروع البحثي إلى تقديم صورة دقيقة حول مخاطر الإرهاب والتطرف وأثرهما في عرقلة جهود الإصلاح والتنمية في مصر، ما قد يسهم في التوصل إلى تصورات فكرية وعملية شاملة عن تكلفة الظاهرة الإرهابية بمصر وطرق الحد منها.

في هذا السياق، يضم المشروع البحثي 4 محاور رئيسة (الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي، والثقافي). في كل محور تجري دراسة تكلفة الإرهاب وأسبابه وسبل معالجته، بالتعاون مع عدد كبير من الخبراء والباحثين في مصر.

في ضوء ذلك، يمثل هذا المشروع البحثي أول بادرة بحثية وأكاديمية في مصر لفتح حوار عقلاني وعلمي حول الظاهرة الإرهابية، عبر تعزيز القنوات للتواصل بين مختلف المفكرين والباحثين وصناع القرار من أجل الوصول لفهم ومعالجة ناجعة لهذا الظاهرة.

في الأخير، فإن مؤتمر اليوم يعد هو اللقاء الأول للتعريف بالمشروع البحثي، ضمن سلسلة من اللقاءات وحلقات النقاش وورش العمل، تهدف إلى تحقيق أكبر قدر من التفكير المعمق وتبادل الرؤى في إطار حوار مفتوح، سعيًا إلى بلورة آليات وسياسات واستراتيجيات مواجهة ذات طبيعة شاملة، للتعامل مع الظاهرة الإرهابية بأبعادها المختلفة وجوانبها المتشابكة، وخلفياتها المتعددة.

 

كذلك اشار الدكتور جمال عبد الجواد

مدير المشروع وعضو الهيئة الاستشارية في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في الجلسة الافتتاحية معمعالي الوزيرة الدكتورة نيفين القباج،

السيدات والسادة الضيوف المحترمين الذين شرفونا بالمشاركة في هذا اللقاء الأول.

دعوني اعبر في البداية عن أمتناني للدكتورة نيفين، وللوقت الذي قضته معنافي جلسات متتالية نتفكر ونتدبر كيف يخرج هذا المشروع ومحتوياته وأفكاره؛فهي لا تمثل فقط جهة حكومية ترعى المشروع، لكنها أسهمت أيضًا بأفكار، لذلك أعبر عن امتناني للدور الذي فعلته معنا في هذا المشروع.

عندما عرضت علينا الفكرة في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، وعلى الدكتور خالد عكاشة والهيئة الاستشارية، التقطناها بحماس شديد، لأن الموضوع في غاية الأهمية، نظرًا لوجود تقصير في بلدنا في دراسة هذه الظاهرة، رغم أننا من أكثر البلدان التي تعاني من نتائجها وأثارها، فالإرهاب ظاهرة موجودة في كل العالم، لا يكاد هناك بلد نجت من الإرهاب، لكن أيضًا البلاد الإسلامية هي الأكثر تأثرًا بهذه الظاهرة، حيث إن العدد الأكبر من الضحايا يقع في البلاد الإسلامية، والتكلفة الاقتصادية الأكبر تقع في البلاد الإسلامية، فهذه المجتمعات تدفع ثمن باهظ أكثر من المجتمعات الأخرى.

وبالتالي، من الطبيعي والمنطقي أن تكون هذه الظاهرة على أولياتنا البحثية والدراسة، وأن نكون مصدر رئيسي لإنتاج المعرفة المتعلقة بدراسة الإرهاب، أكثر من غيرنا من الأمم الذين بالتأكيد يتأثرون بها لكن بدرجة أقل. لكن للأسف هذا ليس حادثًا، فمنطقتنا ليست المصدر الرئيسي لإنتاج المعرفة العلمية الرصينة المؤسسة على مدارس وعلم الاجتماع، وهذا المشروع يمنحنا فرصة لاستعادة المبادرة وتقديم إسهام وخلق تراكم، نظرًا لوجود تقصير في هذا الملف.

غياب جهد كافي من باحثين عرب في مجتمعات مسلمة في دراسة هذه الظاهرة، ليس فقط من أبعاد سياسية، لكن أيضًا تشريحها وتحليلها بكافة أبعادها، هذا الغياب حرمنا من تقديم سرديتنا عن هذه الظاهرة رغم مركزيتها في تطورنا الفكري والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، سومحت لآخرين من مجتمعات أخرى، وبالتحديد المجتمعات الغربية التي تمتلك مؤسسات بحثية وعلمية، ولديها تقاليد وسطوة في العالم، سمح لهذه الجهات البحثية والمنتجة للمعرفة في الدول الغربية بتقديم سردياتهم وفرضها علينا.

أتصور أن هذا الجهد البحثي الذي نقدمه في محاولة منا لعرض سرديتنا الخاصة لهذه القضية، سردية مش فقط في إطار المحاكاة الفكرية، إنما في إطار موضعة الإرهاب والتطرف في تطورنا الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي، بشكل عام.

هذه الظاهرة تؤثر فينا على جميع المناحي اقتصاديًا مؤكد في هدر الموارد والتكلفة وهذا متضمن في هذا المشروع، واجتماعيًا لتطرف والإرهاب يمزج النسيج الإرهابي ويخلق حواجز  بين أبناء الأمة، وهذه التكلفة تكبح تقدم المجتمع، وهذا أيضًا مشمول في بحثنا.

الإرهاب والتطرف يفرض محاذير ويفرض مخاطر تجربنا على اتخاذ إجراءات تحوطية لتوفير الأمن والأمان، والحصلة هي منع وإعاقة وتأخير النضج السياسي للمجتمع والمجتمع المدني؛ فكل قمع وإعاقة هي حجب للأفكار والتعبير عنها وحرية واحترام، ناتج عن سيادة أفكار التطرف، وهذا بالتأكيد تكلفة ثقافية يتحملها مجتمعنا من تأخر في إنتاج الأفكار والثقافة، وهذا له صلة بالسطوة التي تمتعت بها الجماعات الإرهابية والتيارات المتطرفة في بلدنا. وكل هذا كان له تكلفة وكل هذه مكونات في السردية التي يحاول تطويرها هذا البحث.

الإرهاب بمعني العمل العنيف هو قمة جبل الجليد لظاهرة كبيرة جدًا الجزء الأعظم منها مخفي تحت سطح الماء، وله جذور في المجتمع والثقافة والاقتصاد، وفي اللحظة التي يتورط فيها فرد أو مواطن يشترك في جماعة إرهابية تسبقها خطوات كثيرة جدًا، وهذا مجال شغلنا، عندما يصل الفرد إلى التورط في العنف والإرهاب، فالبتأكيد هذه قضية أمنية لكن جبل الجليد المخفي قضية مجتمعية بحثية معرفي، وأتمني أن يكون بحثتنا يساهم في هذا المجال.

مصر تعاني من الإرهاب منذ عقود طويلة، مثلما أشار الدكتور خالد عكاشة، منذ الأربعينيات عندما حدثت أول الأعمال الإرهابية واستمرت بعد ذلك، بما يشير  إلى أن الأمر مستمر معنا لفترة طويلة، وليس علينا أن نتصور أن هناك جهدًا واحدًا سيقدم كل الإجابات أو سيكون كافيًا لتمكينا من التعامل مع هذه الظاهرة الآن ولفترات طويلة في المستقبل. بالعكس، الإرهاب سوف يستمر لفترات طويلة وبالتالي علينا أن تواصل الجهد وتقديم التحليل، وعلينا التعامل مع أي نتيجة نصل إليها في هذا البحث على أنها أفضل نتيجة استطعنا الوصول إليها في هذا الوقت، لكن علينا بذل المزيد من الجهد للوصول إلى فهم افضل، وتجديد المعرفة لأن هذه الظاهرة تتجدد وتغير جلدها وشكلها طوال الوقت.

مكافحة الإرهاب قضية لا تتعلق فقط بالأمن، وإنما بجهود وزارات وجهات حكومية عديد، وليست مصادفة أن يضع التكليف الرئاسي لبحث في يد وزارة التضامن الاجتماعي، نظرًا للأبعاد ليست فقط الأمنية لهذه الظاهرة، وهذا يشمل كل الوزارات المعنية بقضايا التنمية والوعي، فهما العمودان الرئيسيان الذي إذا حدث تقصير بهمها يخلق الإرهاب، والنجاح في الأداء فيها بشكل جيد تساهم في محاصرة الإرهاب والسيطرة عليه.

خلال جلسة اليوم وهي أول لقاء عام نعقده علنًا، بعد لقاءات كثيرة عُقدت مع الوزيرة والهيئة الاستشارية للمشروع، ومنهم الأساتذة الحاضرين معنا، كالدكتور مفيد شهاب، والدكتور أحمد زايد، والدكتور علي الدين هلال. وهناك فرصة اليوم لمشاركتهم التي سوف تزداد خلال الفترة القادمة.

هذه الجلسة ستركز على المحاور الرئيسية الأربعة للمشروع، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وسوف تناقش المناسبات القادمة بقية الجهد الرائع الذي قدمه العديد من الأستاذة والبحثين، كالدكتور أحمد مجاهد، والدكتور عبد الباسط هيكل، والدكتورة نادية رفعت، والدكتورة دلال محمود.

كذلك تحدثت الدكتورة هويدا عدلي أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية خلال فعاليات الجلسة الأولى للندوة الأولى للمشروع البحثي “تكلفة الإرهاب” بالتعاون بين المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ووزارة التضامن الاجتماعي عن التكلفة الاجتماعية للإرهاب.

وقالت إن فحص التكلفة الاجتماعية للإرهاب كان قائمًا على العمل الميداني في المناطق الأكثر تأثرًا بالإرهاب، ووقع الاختيار على 9 قرى في محافظة المنيا وقنا بواقع 3 قرى في المنيا 6 في قنا، مبينة أنالتصورات التي خرجت من المقابلات كانت ذات مؤشر مهم وظواهر لابد من التعامل معها والعلاج سيتخذ وقت لان المشكلة ممتدة. وقام هذا البحث على فحص التصورات الذهنية للمرأة والأقباط لدى الإخوان المسلمين والسلفية، وقابلت مجموعة من القيادات للاطلاع على افكارهم.

وأضافت أن النتائج أظهرت أن الموقف من المرأة وهو منتشر في القرى انها كائن يحتاج الإعالة والاهتمام وأنها ليست كاملة الحقوق، فالحرمان من الميراث أمر طبيعي وانتشار الزواج المبكر، وهو ما يعد ستر للفتاة من وجهة نظرهم، وهو ما يفسر النظر حول حرمان تجاه المرأة فهناك فجوة نوعية تجاه المرأة ككل من تعليم وعمل وصحة وغيره.

وأظهرت النتائج أن فكرة العمل خارج البيت غير مقبولة من المجتمع، وهناك تزواج بين الافكار الاجتماعية القديمة والفكر المتشدد لأن جزءًاكبيرًا من هذه التقاليد مازال موجودًا، وهو ما يؤشر على نقطة أزمة التحديث في هذه المجتمعات سواء كانت مادية أو مجتمعية، وبالتالي أصبحت ساحة مفتوحة لانتشار الافكر المتشددة بشكل كبير

وأوضحت الدكتورة هويدا عدلي أنه فيما يتعلق بالأقباط، هناك من يصور القبطي على أنه ذمي أو أنه صاحب الثروة، ويجب أن يدفع الجزية، وهناك صور أخرى أظهرته على أنه تابع للدولة الصور عن الأقباط كانت حذرة وبها الكثير من الشك

وأشارت إلى أن هذه المقابلات كشفت عن أمرين مهمين لهما أثر على التكلفة الاجتماعية للإرهاب، الأول هو فكرة الأثر السلبي على التماسك الوطني وعدم وجود ثقة بين أفراد المجتمع، والثاني هو إهدار قيم المواطنة والتعامل معهم على أنهم ناقصي الأهلية، وبالتالي هذه تكلفة اجتماعية شديدة الخطورة ولها انعكاسات على المجتمع؛ فمثلا ليس هناك اختلاط بين الفتيات والذكور.

وأضافت أنه بالنسبة للأقباط ليس هناك ثقة بين الأقباط والمسلمين، وليس هناك تفاعلات اقتصادية من أي نوع، في الماضي كانت هناك شراكة اقتصادية أما الآن فلا يوجد. الأمر الخطير أن هناك بعض القرى مثل صفط اللبن” يعيش المسيحيون في مكان والمسلمون في مكان آخر، فنتيجة الأحداث الطائفية والعمليات الارهابية حدث حراك في المجتمع وأصبح كل طرف يعيش في مكان بعيد عن الاخر. وهذه المظاهر أثرت على الأطفال فهم لا يدرسون في مدرسة واحدة. الأقباط في مدراس تابعة للكنيسة أو خاصة والمسلمين يميلون للمعاهد الأزهرية، وهذه مظاهر لابد من الوقوف عليها.

وفيما يتعلق بأسباب التطرف، أوضحت أستاذة العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية أن الأدبيات لا تتحدث عن أن هناك علاقة مباشرة بين الإرهاب والفقر، فالكثير من المنخرطين في العمليات الإرهابية من الطبقة الوسطى وذوي تعليم عالٍ، ولكن التهميش الاجتماعي بيئة مواتية لظهور التطرف لتوفر عوامل الجذب بها البيئة الطاردة التي لا يوجد بها فرص اجتماعية أو اقتصادية، فالجماعات تنتهز هذه الفرص لجذب الشباب وتقدم لهم بديل لاشباع حاجات اساسية وبالتالي هذه البيئات حاضنة للفكر الارهابي.

وذكرت أن هناك أربع قضايا في التهميش الاجتماعي، هي البعد المكاني للإرهاب مثلا المقارنة بين شمال سيناء والمنيا يتشابهان في أنهما أكثر المحافظات شهدت عمليات إرهابية وطائفية، المنيا نحو ستة ملايين نسمة، وشمال سيناء 450 ألف نسمة، شمال سيناء المنطقة المأهولة منها 7.24% في المنيا المنطقة المأهولة 7.5% من مساحتها،والباقي مناطق صحراوية وجبلية، وبالتالي الطبيعة القبلية في شمال سيناء والمنيا لها عامل. وكذلك المنيا بها أكبر تجمع مسيحي، وبالتالي البعد المكاني يجب وضعه في الاعتبار عند وضع خخط تورزيع مشروعات التنمية واعادة توزيع السكان.

وأفادت الدكتورة هويدا عدلي أنه عندما دشن الرئيس حياة كريمة هدفها تحقيق العدالة المكانية وهو أمر جدير بالاهتمام، ولكن هناك فجوة تنموية مركبة فليس ريف الوجه القبلي هو الأفقر في مصر. ولكن هناك فجوة في التعليم والعمل، وهناك مشكلة في الريف لصالح الحضر فهذه الفجوات تعمق الشعور بالتهميش وهو ما يمثل بيئة مواتية لانتشار التطرف. لافتة إلى أنه بمتابعة دور الجمعيات الاهلية نجد أن 43% في التسعينيات كانت تابعة لمساجد أهلية يسيطر عليها السلفيون، ولعبت دورًا في بناء آليات النفوذ، وكان النظام السياسي مبتعد في هذه الفترة.

المعالجات

مشروع حياة كريمة مشروع مهم للإصلاح الاجتماعي ولابد من تعزيز الفرص لهذا المشروع وتوزيع الخدمات الأساسية صحة وتعليم وبنية أساسية وغيره، لدينا مشكلة أن قرية أم بها جميع الخدمات أما القرى والكفور والنجوع التابعة لها محرومة، لذلك لابد من إعادة النظر في توزيع الخدمات الاساسية على القرى القرى
كيفية إدارة الخدمات الأساسية، الدولة تضخ استثمارات فيالصحة والتعليم وغيره لكن هناك مشكلة في إدارة تلك الخدمات، لابد التفكير بشكل إبداعي في إدارة الخدمات الأساسية وخلق شعور بالملكية لدى المواطن.
قطاع الزراعة مهمل في الريف المصري ويحتاج إلى تحديث شامل وأن يكون جاذبًا للعمالة، وكذلك التصنيع الزراعي بحاجة إلى تحديث شامل، وقضية المرأة لم تحل إلا إذا كانت هناك مشروعات تعمل بها المرأة بشكل دائم.

-الحماية الاجتماعية منظومة شاملة تضم التأمين الصحيوالتامينات الاجتاعية وحدث بها تطوير شامل، نحن بحاجة إلىكيفية الربط بين المشروعات المختلفة وأنظمة الحماية الاجتماعي

شاهد أيضاً

“رجعت الشتوية”… اضطراب الموسم يقرع أبواب اللبنانيين

توقفت الحرب وتبددت مشاعر الخوف من القصف المتواصل، غير أن الاكتئاب لم يفارق اللبنانيين. التعب …