كلودين عون خلال مشاركتها في طاولة مستديرة من تنظيم مؤسّسة أديان لمناقشة الإصلاحات الممكنة لقوانين الأحوال الشخصيّة الدينيّة في لبنان:

كلودين عون خلال مشاركتها في طاولة مستديرة من تنظيم مؤسّسة أديان لمناقشة الإصلاحات الممكنة لقوانين الأحوال الشخصيّة الدينيّة في لبنان:
” نعيش اليوم في لبنان أزمة متعددة الأوجه ونغفل أن هذه الازمة هي أيضاً أزمة فكرية وحضارية إذ أننا نعيش في معظم الأحيان تناقضاً بين واقع نمط حياتنا ومضمون قوانين الأحوال الشخصيّة”.

شاركت السيّدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنيّة لشؤون المرأة اللبنانيّة في طاولة مستديرة نظّمتها مؤسّسة أديان لمناقشة الإصلاحات الممكنة لقوانين الأحوال الشخصيّة الدينيّة في لبنان بوصفها جزءاً من مشروع “النساء والأديان وحقوق الإنسان في لبنان” الذي تنفّذه بالشراكة مع منظمة دانميشون وبدعم من وزارة الخارجيّة الدنماركيّة. ويهدف اللقاء إلى تنظيم حوار بين الفعاليات الدينيّة، والسياسيّة – القانونّية والمدنيّة بهدف تفعيل التفكير في إصلاحات ممكنة في قوانين الأحوال الشخصيّة الدينية الخمسة عشر الحالية، وفي آليات المحاكم الشرعية والروحية.

وألقت السيّدة عون كلمة في افتتاح اللقاء قالت فيها: “ننطلق اليوم في حوارنا من ثوابت تتمثّل بالإعتراف بأن العنصر البشري واحد، على الرغم من تنوّعه بين الأعراق والمجموعات وبالإعتراف بأن القيم البشرية الأساسية هي واحدة.
بهاتين القاعدتين نادت الأديان السماوية ومنها إنطلقت الرغبة في تدوين شرعة لحقوق الإنسان بغية حماية الفرد رجل كان أو أنثى من التعسف الذي قد تمارسه عليه أية جهة لها القدرة على التسلّط على كينونته كإنسان.”
وتابعت: “أتت شرائع حقوق الإنسان، التي كان آخرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي تبنّته الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1948، كردّة فعل لممارسات ظالمة إمتدّت على مر العصور مستندة إلى قوانين غير عادلة وإلى سياسات تسلّطية. وقد تلاقت شرائع حقوق الإنسان مع دعوات الأديان إلى مناهضة الظلم وإحقاق العدل بين البشر . ونذكر هنا أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أتى عقب المآسي التي خلّفتها الحرب العالمية الثانية وعقب أعمال الإبادة الواسعة التي تمّ إرتكابها خلالها. شكّل هذا الإعلان بحدّ ذاته خطوة هامة على طريق التقدّم نحو الحضارة الإنسانية الجامعة ، التي تتطلع إليها الإنسانية إنما ظلّ بحاجة إلى إصدارِ تشريعاتٍ وطنية لِتَطبيق مبادِئِهِ.”
وأضافت: “في لبنان، يلتزم دستورنا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومع ذلك لا تزال العديد من القوانين ومن الممارسات المعمول بها تطبيقياً غير متناسقة مع مبادئه.
ومن أبرز المجالات التي يتغاضى فيها المشرّع في لبنان عن تطبيق مبادئ حقوق الإنسان، مجال حقوق المرأة في نقل جنسيتها إلى أطفالها أيّاً كانت جنسية والدهم، وحق المرأة بحماية كاملة من العنف الذي قد تتعرّض له لكونها إمرأة، وحقوقها داخل الأسرة.
وعندما نتكلّم عن المشرّع في ما يختصّ بالنظام المعمول به في لبنان نعني النواب في المجلس النيابي ممثلي السلطة التشريعية، كما نعني القيمين على أنظمة الاحوال الشخصية التي تختلف بين طائفة دينية وأخرى. في الحالتين، تلاحظ نزعة لدى المشرعين عندما يكون الموضوع متعلّقاً بقضايا المرأة إلى الإستمرار في العمل بما كان مطبّقاً في الماضي من غير النظر إلى التغييرات الحاصلة في النمط المعيشي بفعل تغيّر العوامل الإقتصادية والإجتماعية بصورة شبه كلية.”
وقالت: “يفضّل المشرّع في ذلك مراعاة الذهنية السائدة في المجتمع، وهي ذهنية ذكورية موروثة من نمط عيش لم يعد ينطبق على الواقع في معظم الحالات، كانت فيه النساء غائبات عن المشاركة في الحياة الإقتصادية والمهنية، وعن الحياة العامة بمجملها، لذلك نرى أن المشرعين في لبنان، في قطاعي القوانين المدنية والمذهبية، ينزعون إلى الحفاظ على ما هو معمول به ولا يقدمون على تعديله ، ذلك مع أن وظيفة التشريع تنطوي على مهمة إصلاحية يفترض أن يتمّ معها تحديث القوانين لكي تتوافق مع الحاجات المتحولة للمجتمع.”
وتابعت: “نعيش اليوم في لبنان أزمة متعددة الأوجه، سياسية وإقتصادية ونقدية ونغفل أن هذه الازمة هي أيضاً أزمة فكرية وحضارية إذ أننا نعيش في معظم الأحيان تناقضاً بين واقع نمط حياتنا ومضمون القوانين المطبقة علينا، بين ما نتطلع إليه وعدم إعتماد السبل الكفيلة بتحقيقه.
وهذا التناقض هو أحد أسباب الإحباط الذي يشعر وتشعر به شبابنا وشاباتنا وهو سبب، لا يقلّ أهمية عن الأسباب الإقتصادية ، في دفعهم إلى الهجرة.
حالياً، تتكاثر الأصوات المطالبة بالإصلاح على صعيد الإقتصاد وعلى صعيد السياسية . الواقع هو أن الإصلاح ينبغي أن يتمّ أيضاً على صعيد الأحوال الشخصية التي، لا تزال القواعد المعمول بها ، تتسبّب بدرجات متفاوتة، بمظالم كبيرة تعاني منها النساء كفتيات وزوجات وأمهات. فالأديان السماوية كانت في تاريخ التطور البشري، الاولى التي سعت إلى مناهضة الظلم ، ومنها انبثق ، بعد قرون من الزمن مفهوم حقوق الإنسان. لذا ينبغي أن تبقى الأديان رائدة في حماية الحقوق الإنسانية للرجال كما للنساء تجاه كل ظالم أو مستبدّ. كما ينبغي أن تتمّ إزالة الأحكام المميزة ضد النساء والمعوِّقة لوصولهن إلى العدالة، من القوانين والممارسات المستوحاة منها، في تنظيم العلاقات الأسرية وشروط الزواج ومفاعيله.”
وذكرت: “أن اللجنة الدولية المتابعة لتطيبق الدول الأطراف لإتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، أوصت لبنان، في إطار الملاحظات الختامية التي أصدرتها في العام 2015 عن تقريريه “بكفالة قيام المحاكم الدينية بمواءمة قواعدها وإجراءاتها وممارساتها مع معايير حقوق الإنسان المنصوص عليها في الإتفاقية وسائر الصكوك الدولية المتصّلة بحقوق الإنسان”.”
وأضافت: “لذا نعوِّل في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كثيراً، على دعم الهيئات الدينية لحقوق المرأة في كافة مراحل حياتها بدءاً من حمايتها من التزويج المبكر إلى صون حقوقها الإنسانية في الإرث وفي الزواج ومفاعيله، ونعتبر أن الإصلاح وتحديث القوانين في مجال الأحوال الشخصية هو جزء من ورشة الإصلاح الكاملة التي ينبغي أن تتناول مجمل نظامنا في لبنان.عسى أن نوفَّق في مساعينا الإصلاحية”
وختمت: “أشكر مؤسسة أديان ومنظمة Danmission ووزارة الخارجية الدنماركية على تنظيم طاولة النقاش هذه للسياسات العامة حول النساء والأديان وحقوق الإنسان في لبنان وأتمنى لكم يوم عمل مثمر.”

شاهد أيضاً

ناسا ترصد حقل غامض على المريخ

هلا كندا – وكالات – تمكنت مركبة كيوريوسيتي التابعة لوكالة ناسا، أثناء بحثها عن علامات …