“تحت عنوان “لبنان بلا غاز ومحروقات: توجه لرفع الدعم على مرحلتين”، كتب خضر حسان في موقع المدن:
لبنان بلا غاز ومحروقات: توجه لرفع الدعم على مرحلتين
خضر حسان|الجمعة20/08/2021شارك المقال :0
لبنان بلا غاز ومحروقات: توجه لرفع الدعم على مرحلتين
الكثير من السيارات وقفت على المحطات برغم قرار إقفالها (مصطفى جمال الدين)
خلص مجلس النواب في جلسته يوم الجمعة 20 آب، إلى الدعوة لتشكيل حكومة وإصدار البطاقة التمويلية وتحرير السوق.
موقف المجلس يشي بأنه مؤلَّفٌ من كتل نيابية منفصلة عن الأحزاب التي تمسك بالسلطة وتختلف حول تشكيل الحكومة، وغير قادرة على تأمين الاعتمادات اللازمة للبطاقة التمويلية، فيما تجد الحل برفع الدعم وتحرير السوق من دون حماية الفقراء وذوي المداخيل المنخفضة.
وبالتوازي، يخفق مصرف لبنان والحكومة في الوصول إلى آلية مقبولة لتحديد السعر المتوجّب على المصرف اتّباعه لتأمين الدولارات لاستيراد المحروقات والغاز. وبات واضحًا أن حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، قد طوى صفحة الدعم منتظرًا القرار السياسي ليشكّل له غطاءً لتأمين دولارات الاستيراد وفق سعر صرف حر، فيما تنتظر الحكومة ما يمكن اجتراحه من معجزات تتعلّق بالبطاقة التمويلية لتخفّف من وطأة رفع الدعم. ووسط الجمود الحاصل على مستوى القرارات، لا تتوانى محطات البنزين والغاز عن إعلان إقفال أبوابها ليدخل البلد في حالة شلل تام.
حلول جزئية للغاز
لا تملك الشركات المستوردة للنفط تَرَفَ الوقت. فالاستهلاك يتزايد وطوابير المحطات لا تعرف الكلل، فيما مخزون الغاز يتناقص هو أيضًا، ولن تستطيع معه الشركات تزويد السوق بالغاز المنزلي “بدءًا من يوم الأربعاء 25 آب المقبل”، وفق ما أعلنته الشركات المستوردة، مشيرة إلى أن مخزون الغاز “سيتدنّى إلى أقل من 1000 طن متري”.
مع ذلك، تأخّر سلامة في أعطاء الموافقة على تأمين الدولارات المدعومة بسعر 3900 ليرة لإدخال الباخرة المنتظِرة في البحر منذ 26 تموز الماضي، والتي تحمل نحو 5000 طن متري من الغاز السائل. ودخول الباخرة يوم الإثنين المقبل “يساهم في إراحة السوق”، وفق ما أكده نقيب مالكي ومستثمري معامل تعبئة الغاز المنزلي في لبنان أنطوان يمين، مشيرًا إلى أن “هذه المادة الحيوية ستظل متوافرة في الأيام المقبلة”.
طوابير البنزين
عوضًا عن التراجع، تتزايد طوابير البنزين وتصطف مسافات طويلة قبل الوصول إلى المحطات، وتتفرّع الطوابير لتصل أحيانًا إلى 3 خطوط متوازية، ما يزيد الضغط على المحطات وعلى أصحاب السيارات الذين يفشلون أحيانًا بالحصول على البنزين، فيما بعضهم لا يملك كمية كافية للعودة في يوم آخر، فيضطر لركن السيارة قرب المحطة.
وهذا المشهد قد لا يتكرر، لأن الانقطاع التام هو الخطوة التالية التي يحكمها عدم الاتفاق على رفع الدعم أو ترشيده بسعر صرف يزيد عن 3900 ليرة. فعضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس، أكد على أننا “ذاهبون إلى التوقف القسري عن البيع في المحطات والذهاب إلى الشلل العام”، في حال عدم الاتفاق على الدعم. أما الحديث عن تغطية مصرف لبنان لباخرة محروقات أخيرة على سعر الدعم الحالي، فلا يعدو كونه جرعة أمل تزيد القلق ممّا هو آتٍ، فالعلاجات المطروحة حاليًا لا تحل الأزمة.
وعلى طريق الانقطاع، أبلغت شركة توتال الفرنسية المحطات التابعة لها قرارها وقف تزويدها بالمحروقات، لا سيما البنزين، ما تسبب اصطفاف مئات السيارات أمام تلك المحطات، في مشهد موازٍ لما يحصل أمام المحطات في الجنوب ومعظم المناطق. وكانت شركة كورال قد سبقت الشركة الفرنسية، فأعلن ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، يوم أمس الخميس، أن شركة كورال أبلغت المحطات التي تزوِّدها بالوقود، بوجوب إغلاق أبوابها وتفكيك آلات التعبئة، حين ينفد مخزونها. وتكتمل الصورة وتفرغ المحطات من الطوابير والبنزين، بانتظار إقفال مَن بقي لديه بعض المخزون.
ومع أن مجلس النواب أوصى بتحرير السوق، إلا أن لا خطوات إجرائية تواكب التوصية، فيبقى المواطن بحكم العالق بين توقف المحطات عن البيع وبين عدم تحرير الأسعار بشكل رسمي.
رفع تدريجي للدعم
الاتفاق الضمني على رفع الدعم، حاصل على مستوى القيادات السياسية ومصرف لبنان والشركات المستوردة. لكن القرار السياسي لم يُتَّخَذ، ولن يُتَّخَذ قبل حل مسألة البطاقة التمويلية. لكن وضع البلاد لا ينتظر، ومصرف لبنان لا يمكنه الاستمرار بتغطية الاستيراد بالسعر الحالي. والحل؟. لا يوجد ما يمكن تقديمه، كحلٍّ مؤقّت، سوى البدء بتنفيذ اقتراح لجنة الأشغال العامة النيابية، التي طلبت من المركزي “تلبية السوق وفق دراسة رفع تدريجي للأسعار لمدة لا تتعدى عشرة أيام إلى حين توزيع البطاقة التمويلية”.
معدّل الرفع التدريجي دَخَلَ بدوره دوامة التكهّنات. وتشير مصادر متابعة لملف الغاز والمحروقات إلى أن “الرفع التدريجي قد يبدأ بـ12 ألف ليرة في المرحلة الأولى، ليتم تحرير السعر في المرحلة الثانية ويصبح استيراد الفيول والغاز وفقًا لسعر السوق، وهو ما يصبو إليه مصرف لبنان”.
وترى المصادر في حديث لـ”المدن”، أنه “لا مصلحة للشركات بالاقفال، ولذلك تؤيد الشركات أي قرار بزيادة الأسعار أو رفع الدعم نهائيًا”.
بالتوازي، يرجّح عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي، صادق علوية، أن يفتح مصرف لبنان الاعتمادات للشركات المستوردة “على سعر المنصة”، وهو أقل من سعر السوق. وبحسب ما كتبه على “تويتر”، ستقوم الشركات ببيع البنزين “وفقًا لسعر السوق أي أكثر من 19 ألف. وسيربح الكارتيل فرق الدولار إضافةً إلى الأرباح”. وخلص علوية إلى أن “كل القرارات تصب في مصلحة الكارتيل”.
حتى اللحظة، ما يُقال عن أرقام الدعم “ما هو إلا سيناريوهات”، تقول المصادر. ولا يحصل اللبنانيون “سوى على الجمود الذي يوصل البلاد إلى المأزق الأكبر، أي انقطاع المحروقات والغاز”. ومن المرجّح أن يستمر مصرف لبنان في دعم الاستيراد بسعر 3900 ليرة حتى شهر أيلول، مع مماطلة في الموافقة، كرسالة للسياسيين مفادها وجوب حسم قضية رفع الدعم.