اعتبر النائب ياسين جابر، عضو كتلة “التنمية والتحرير” النيابية، أن النواباللبنانيين متحمسون لإقرار قانون الشراء العامّ العتيد، مشيراً إلى أن القانون يحتوي على 110 مواد وهناك نقاشات كثيفة تجري في مجلس النواب، حيث تمّت القراءة الأولى والثانية، على أمل أن يصل المسار التشريعي إلى خواتيمهفي نهاية العام، مما سوف يحدث ثورة في جميع القطاعات.
كلام النائب جابر جاء خلال جلسة حوارية نظمتها “المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية” مكتب لبنان بالشراكة مع منظمة “SKL International” عبر تطبيق Zoom يوم أمس الثلاثاء 24 تشرين الثاني 2020. وقد حضر الجلسة عدد من رؤساء وممثلين/ات عن البلديات ورؤساء مؤسسات عامة وعدد من ممثلي هيئات المجتمع المدني المحلية والدولية وإعلاميين/ات وحشد من المهتمين/ات.
سليمان
بدأت الجلسة التي امتدت يوم كامل بترحيب من الدكتور أندريه سليمان، ممثل المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية في لبنان، بتعريف عن مدى أهمية قانون الشراء العامّ والتحديات التي من الممكن أن تقف أمام تطبيقه بالإضافة إلى استعراض نتائج الدراسات التي نشرتها المنظمة عن القانون. ومن ثم كانت كلمة للسيد إريك فاكسغارد، مدير مشروع RESLOG في السويد، مطالباًفيها بضرورة إقرار قانون الشراء العامّ على الرغم من أن هناك نقص في الموارد المالية لتطبيقه، مؤكداً على قوة السلطات المحلية في تحقيق شراء عام شفاف واختلاق أساليب شفافة في ترشيد الانفاق العامّ وتعزيز الحوكمة المحلية والمساءلة.
جابر
ومن ثم قال النائب ياسين جابر إن “الحكومة الحالية تقدمت بمشروع قانون لتعديل مسودة قانون الشراء العامّ ولكن تم سحبه”، موضحاً أن مجلس النواب “استعان بأحد الأساتذة في الجامعة اللبنانية لتطوير القانون واتخذنا الخط السريع لإقرار القانون من خلال اللجان المشتركة، وقد تم إنشاء لجنة فرعية تضم جميع الكتل النيابية، كما تم تطوير القانون مع معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، إلا أنه لم يصل إلى الحكومة”.
ورأى جابر أن “قانون المناقصات الحالي قديم ومليء بالثغرات القانونية”، معرباً عن خشيته من عدم تطبيق القانون بعد إقراره كونه “أقر مجلس النواب عشرات القوانين ولكن لم يتم تطبيقها بعد، مثل قانون مكافحة الفساد في القطاع العامّ وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وهذا ما دعانا إلى تشكيل لجنة لمتابعة تطبيق القوانين”.
وأكد جابر أن قانون الشراء العامّ سيطبّق على جميع الإدارات العامة اللبنانية، لاسيما البلديات والشركات التي تدير مرفق عام، كشركات خطوط الخليوي، مضيفاً أن الهيئة الناظمة المنوي إنشاؤها “سوف تعمل على مراقبة الجميع، كما سيتم إنشاء منصة إلكترونية لنشر المناقصات ونتائجها، وقد أنشأنا بالفعل موقعاَ الكترونياَ لعرض جميع القوانين التي تُطرح، إلا أن انفجار بيروت في 4آب حال دون الإعلان عنه وإطلاقه”.
مبيض
من جهتها، أكّدت السيدة لميا المبيض، مديرة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، أن موضوع الشراء العامّ شائك ومعقّد في جميع أنحاء العالم ولا يقتصر الأمر على لبنان فقط، مضيفة أن الحكومات المتتالية التزمت بالبنود الإصلاحية التي ينص عليها القانون، وإصلاح الشراء العامّ هو أساسي لإصلاح المالية العامّة.
وأوضحت أن الحكومات هي الشاري الأكبر في العالم، وهذا ضروري للاقتصاد العالمي، مشيرةً إلى أن نتائج لبنان في دراسات MAPS أتت سيئة جداً، كما أن لبنان متراجع من ناحية الإصلاحات الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط، هذا مع الإشارة إلى أن الشراء العام شكّل 3.4 مليار دولار في موازنة عام 2019، في حين كانت مؤشرات نوعية البنى التحتية في لبنان منخفضة جداً ودون المستوى المطلوب.
مبيض التي بدأت العمل مع فريق معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي على القانون، انطلقت من المسودة المعتمدة من قبل لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (UNCITRAL)، “وبالرغم من الصعوبات، أخذنا القانون إلى مجلس النواب“.
وأكدت مبيض أن القانون يغطي مبادئ أساسية، منها الشمولية، والتخطيط والعمل مع البلديات والمؤسسات العامة، والمساءلة من خلال نظام المراجعات والشكاوى والعقوبات تماشياً مع الأنظمة الدولية، بشكلِ مستقل وفعالٍ، موضحة أن خريطة الطريق طويلة، ولا يكفي أن نعمل لإقرار القوانين بدون تطبيقها.
معلوف
بدوره، اعتبر القاضي إيلي معلوف، أن حياة الناس اليوم متعلقة بالشراء العامّكونه يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي، كما أنه يؤثر في البيئة والحياة الاجتماعية، مؤكداً على ضرورة معالجة الثغرات القانونية لتعزيز الشفافيةوتأمين الاستثمارات والعدالة الاجتماعية.
ورأى معلوف أن القانون بحاجة إلى الكثير من المراسيم التطبيقية ودفاترالشروط النموذجية لدخول حيز التطبيق مستوى البلديات، لاسيما لجهة ممارسةالرقابة والتقييم، وخصوصاً أن الأنظمة المطبّقة في البلديات قديمة جداً، كما أنه يغيب في معظم المؤسسات العامّة نظام مناقصات سليم، حيث تتعدد الأخطاء في دفاتر الشروط.
حايك
من جهته، رأى زياد حايك، الأمين العامّ السابق للمجلس الأعلى للخصخصة،أن الشراكة بين القطاعين العامّ والخاصّ لا يمكن ترجمتها بحجم الأرباح إنما بحجم المخاطر، وذلك على صعيد التمويل، الكوارث، وغيرها.
واعتبر حايك أنه لا يمكن للقطاع الخاصّ اليوم أن يتحمل عبء الدولة وإفلاسها، ومن الصعب أن يخاطر أي شخص سواء كان أجنبياً أو لبنانياً بالاستثمار مع الدولة اللبنانية، مشيراً إلى أن الأولوية يجب أن تُعطى للبنى التحتية الاجتماعية لاسيما النقل العامّ وليس البنى التحتية المرتبطة بالرفاهية، ولا يمكن وضع خطة لأي مشروع دون إلقاء نظرة عامة على باقي القطاعات مثل مشاريع المياه والطاقة والكهرباء الذين يشكلون سلسلة إنمائية مترابطة.
حايك قال إننا استطعنا إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العامّ والخاصّ في العام 2017 في مجلس النواب، والهدف الأسمى الآن أن يتم تعديل المادة 89من الدستور للعمل على الشراكات المعروفة بـ user based، إلا أن “القانون لم يتم تطبيقه لأنه يتعارض مع مصالح العديد من الوزراء، وهذا ما دفعني إلى تقديم استقالتي في أذار 2019 بسبب الفساد في ملف الكهرباء“، بحيث رفضت وزارة الطاقة في حكومة سعد الحريري التعامل بالقانون.
وأكد حايك أن قانون الشراكة بين القطاعين العامّ والخاصّ يحتوي على جميع الأدوات لمحاربة الفساد من خلال إشراك كل الجهات المعنية، وهذا ما يزيد الشفافية عبر نشر المعلومات والصفقات على منصة إلكترونية متاحة للجميع.
أبي حيدر
في السياق نفسه، استعرضت المحامية كريستينا أبي حيدر أمثلة عن الشراكات بين القطاعين العامّ والخاصّ منذ تسعينيات القرن الماضي، موضحة أن البريد ومطار رفيق الحريري الدولي ومؤسسة الميكانيك وشركات النفايات، والطاقة، وغيرها من الخدمات تم تطبيقها خارج إطار قانون الشراكة وبغيابتام لمعيارَي الشفافية والفعالية.
وأضافت أن القانون رقم 48/2017 وهو قانون الشراكة بين القطاعين العامّوالخاصّ لم يتم تطبيقه حتى الآن، وقد تم إقرار عدد من القوانين المشابهة قبل الذهاب إلى مؤتمر “سيدر”. وأوضحت أبي حيدر أن المنظمات الدولية غيرت توجهاتها في العمل من الحكومة اللبنانية إلى البلديات، كونها تتمتع بهامش أوسع من الاستقلالية والمرونة.
وشددت أبي حيدر على أن القانون لا يلزم البلديات بتطبيق الشراكة مع القطاع العامّ، والبلديات تعتمد بشكل كبير على الصندوق البلدي المستقل، وبالتالي يصبح قانون الشراكة بين القطاعين العامّ والخاصّ وسيلة إيجابية يقع في مصلحة البلديات، التي تفتقر إلى الموارد المالية.
حرفوش
وفي ختام الجلسة كانت كلمة لرئيس اتحاد بلديات جزين خليل حرفوش الذي استعرض فيها تجربة الاتحاد في تطبيق شراكة مع القطاع الخاصّ، مركزاً على أهمية المشاريع التي تنفذها البلدية بإدارة القطاع الخاصّ.
وأضاف حرفوش أن الهدف من الشراكة هو تأمين البيئة الحاضنة للمستثمرين لخلق فرص عمل ضمن إطار مؤسساتي، بحيث يملك القطاع الخاصّ إمكانات مالية وبشرية ومرونة مؤسساتية أكثر من القطاع العامّ، بحيث تجيز المادة 50من قانون البلديات للبلدية أن تدير مباشرة أو بالواسطة العديد من المنشآت.